أعطيه من غير استئجار تحكم لا دليل عليه، فعلى هذا تسمية كسبه خبيثا لا يلزم منه التحريم فقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم الثوم والبصل خبيثين مع إباحتهما وإنما كره النبي صلى الله عليه وسلم ذلك للحر تنزيها له لدناءة صناعته وليس عن أحمد نص في تحريم كسب الحجام ولا استئجاره عليها وإنما قال نحن نعطيه كما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم ونقول له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن أكله نهاه، وقال " أعلفه الناضح والرقيق " هذا معنى كلامه في جميع الروايات وليس هذا صريحاً في تحريمه بل فيه دليل على إباحته كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم على ما بينا، فإن إعطاءه للحجام دليل إباحته إذ لا يعطيه ما يحرم عليه وهو عليه السلام يعلم الناس وينهاهم عن المحرمات فكيف يعطيهم إياها؟ فعلى هذا يكون نهيه عليه السلام عن أكله نهي كراهة لا نهي تحريم وكذلك قول الإمام أحمد فإنه لم يخرج عن قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله بل قصد اتباعه، وكذلك سائر من كرهه من الأئمة يتعين حمل قولهم على الكراهة فلا يكون في المسألة قائل بالتحريم.
إذا ثبت هذا فإنه
يكره للحر أكل أجرة الحجام ويكره تعلم صناعة الحجامة وإجارة نفسه لها لما ذكرنا من الأخبار ولأن فيها دناءة فكره الدخول فيها كالكسح، وفيما ذكرناه إن شاء الله جمع بين الأخبار وتوفيق بين الأدلة الدالة عليها فعلى هذا يطعمه الرقيق والبهائم كما جاء في الأخبار الصحيحة والله أعلم (فصل) فأما استئجار الحجام لغير الحجامة كالفصد وحلق الشعر وتقصيره والختان وقطع شئ من الجسد للحاجة إليه فجائز لأن قول النبي صلى الله عليه وسلم " كسب الحجام خبيث " يريد بالحجامة كما نهى عن مهر البغي