موقوف استناب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى والديه أحق الناس بصرفها إليهما ولهذا لم يردها إليه إنما دفعها إليهما ويحتمل أن الحائط كان لهما وكان هو يتصرف فيه بحكم النيابة عنهما فتصرف بهذا التصرف بغير اذنها فلم ينفذاه وأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فرده إليهما والقياس على الصدقة لا يصح لأنها تلزم في الحياة بغير حكم حاكم وإنما يفتقر الى القبض والوقف لا يفتقر إليه فافترقا * (مسألة) * (ولا يجوز بيعه إلا أن تتعطل منافعه فيباع ويصرف ثمنه في مثله وكذلك الفرس الحبيس إذا لم يصلح للغزو بيع واشتري بثمنه ما يصلح للجهاد وكذلك المسجد إذا لم ينتفع به في موضعه وعنه لا تباع المساجد لكن تنقل آلتها إلى مسجد آخر) وجملة ذلك أنه لا يجوز بيع الوقف ولا هبته لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمر " غير أنه لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يوهب ولا يورث " فإن تعطلت منافعه بالكلية كدار انهدمت أو أرض خربت وعادت مواتاً لا يمكن عمارتها أو مسجد انتقل أهل القرية عنه وصار في موضع لا يصلى فيه أو ضاق بأهله ولم يمكن توسيعه في موضعه فإن أمكن بيع بعضه ليعمر به بقيته جاز بيع البعض وإن لم يمكن الانتفاع بشئ منه بيع جميعه قال أحمد في رواية أبي داود إذا كان في المسجد خشبتان لهما قيمة جاز بيعهما وصرف ثمنهما عليه وقال في رواية صالح يحول المسجد خوفاً من اللصوص وإذا كان موضعه قذراً قال القاضي يعني إذا كان ذلك يمنع الصلاة فيه ونص على جواز بيع عرصته في رواية عبد الله وتكون الشهادة في ذلك على الإمام.
قال أبو بكر وقد روي علي بن سعيد أن المساجد لا تباع وإنما تنقل آلتها قال وبالقول الأول أقول لإجماعهم على بيع الفرس الحبيس يعني الموقوفة على الغزو إذا كبرت فلم تصلح للغزو وأمكن الانتفاع بها في شئ آخر مثل أن تدور في الرحا أو يحمل عليها تراب أو تكون الرغبة في نتاجها أو حصاناً يتخذ للطراق فإنه يجوز بيعها ويشترى بثمنها ما يصلح للغزو نص عليه أحمد وقال محمد بن الحسن إذا خرب المسجد