تصدق بها، وقال في موضع آخر قد كان شيبة يتصدق بخلقان الكعبة.
وروى الخلال بإسناده عن علقمة عن أمه أن شيبة بن عثمان الحجبي جاء إلى عائشة رضي الله عنها فقال يا أم المؤمنين إن ثياب الكعبة تكثر عليها فننزعها فنحفر لها آباراً فندفنها فيها حتى لا تلبسها الحائض والجنب قالت عائشة بئس ما ضعت ولم تصب إن ثياب الكعبة إذا نزعت لم يضرها من لبسها من حائض أو جنب ولكن لو بعتها وجعلت ثمنها في سبيل الله والمساكين.
فقال فكان شيبة يبعث بها إلى اليمن فتباع فيضع ثمنها حيث أمرته عائشة، وهذه قضية مثلها ينتشر ولم تنكر فتكون إجماعاً ولأنه مال الله تعالى لم يبق له مصرف فصرف إلى المساكين كالوقف المنقطع * (مسألة) * (ولا يجوز غرس شجرة في المسجد) نص عليه أحمد فقال إن كانت غرست النخلة بعد أن صار مسجداً فهذه غرست بغير حق فلا أحب الأكل منها، ولو قلعها الإمام لجاز، وذلك لأن المسجد لم يبن لهذا إنما بني لذكر الله والصلاة وقواءة القرآن ولأن الشجرة تؤذي المسجد وتمنع المصلين من الصلاة في موضعها ويسقط ورقها في المسجد وثمرها ويسقط عليها الطير وتبول في المسجد وربما اجتمع الصبيان في المسجد من أجلها ورموها بالحجارة ليسقط ثمرها * (مسألة) * (فإن كانت مغروسة جاز الأكل منها) يعني إذا كانت الشجرة في أرض فجعلها صاحبها مسجداً والشجرة فيها فلا بأس، قال أحمد في موضع لا بأس يعني أن يبيعها من الجيران، وقال في رواية أبي طالب في النفقة لا تباع وتجعل للمسلمين وأهل الدرب يأكلونها وذلك والله أعلم، لأن صاحب الأرض لما جعلها مسجداً والشجرة فيها فقد وقف الأرض والشجرة معاً ولم يعين مصرفها فصارت كالوقف المطلق الذي لم يعين له مصرف.
وقد ذكرنا أنه للمساكين في بعض الروايات.
فأما إن قال صاحبها هذه وقف على المسجد فينبغي أن تباع ثمرتها وتصرف إليه كما لو وقفها على المسجد وهي في غيره.
وقال أبو الخطاب عندي أن السجد إذا احتاج إلى ثمن ثمرة الشجرة بيعت وصرفت في عمارته، وقال أحمد يأكلها الجيران محمول على أنهم يعمرونه فان استعنى المسجد عنها فلا بأس بالأكل منها والله سبحانه وتعالى أعلم