يومئون إيماء برؤوسهم ولم ينقل خلافه ولأن الستر آكد من القيام لأمرين (أحدهما) أنه لا يسقط مع القدرة بحال والقيام يسقط في النافلة (والثاني) أن الستر لا يختص الصلاة بخلاف القيام فإذا لم يكن بد من أحدهما فترك الأخف أولى، فإن قيل فلا يحصل الستر كله مع فوات أركان ثلاثة القيام والركوع والسجود.
فالجواب أنا إذا قلنا العورة الفرجان فقد حصل سترهما وإن قلنا هما بعض العورة فهما آكدها وجوباً وأفحشها في النظر فكان سترهما أولى ولا تجب عليه إعادة لأنه صلى كما أمر أشبه ما لو صلى إلى غير القبلة عند العجز فإن صلى قائماً جاز لما ذكرنا.
وقد روي عنه أنه يصلي جالساً ويسجد بالأرض لأن السجود آكد من القيام لكونه مقصوداً في نفسه ولا يسقط فيما يسقط فيه القيام وهو النفل.
والأولى الإيماء بالسجود لأن القيام سقط عنهم لحفظ العورة وهي في حال السجود أفحش فكان سقوطه أولى وإن صلى قائماً وركع وسجد بالأرض جاز في ظاهر كلام أحمد وقول أصحاب الرأي لأنه لابد من ترك أحد الواجبين فأيهما ترك فقد أتى بالآخر وعلى أي حال صلى فإنه يتضام ولا يتجافى،
قيل لأبي عبد الله يتضامون أم يتربعون؟ قال بل يتضامون، وقد قيل أنهم يتربعون في حال القيام كصلاة النافلة قاعداً والأول أولى.
(فصل) فإذا وجد العريان جلداً طاهراً أو ورقاً يمكن خصفه عليه أو حشيشاً يمكن ربطه عليه فيستتر لزمه لأنه قادر على ستر عورته بطاهر لا يضره فقد ستر النبي صلى الله عليه وسلم رجلي مصعب بن عمير بالأذخر لما لم يجد سترة.
وإن وجد طيناً يطلي به جسده لم يلزمه لأنه يتناثر إذا جف وفيه مشقة ولا يغيب الخلقة، وقال ابن عقيل يلزمه لأنه يستر وما تناثر سقط حكمه واستتر بما بقي وهو قول بعض الشافعية وإن وجد ماء لم يلزمه النزول فيه وإن كان كدراً لأن عليه فيه مشقة وضرراً لا يحتمل.
وإن وجد حفرة لم يلزمه النزول فيها لأنها لا تلصق بجسده فهي كالجدار وإن وجد سترة تضر به كبارية ونحوها لم يلزمه الإستتار بها لما فيها من الضرر والمنع من إكمال الركوع والسجود