للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد زوال عذره فسدت صلاته لتركه الإستقبال عمداً.

ولا فرق بين جميع التطوعات في هذه النوافل المطلقة والسنن الرواتب والوتر وسجود التلاوة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر على بعيره متفق عليه (مسألة) (وهل يجوز ذلك للماشي؟) على روايتين (إحداهما) لا يجوز وهو ظاهر كلام الخرقي ومذهب أبي حنيفة لعموم قوله تعالى (وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره) والنص إنما ورد في الراكب فلا يصح قياس الماشي عليه لأنه يحتاج إلى عمل كثير ومشي متتابع ينافي الصلاة فلم يصح الإلحاق (والثانية) يجوز ذلك للماشي نقلها عنه المثنى بن جامع واختاره القاضي، فعلى هذا يستقبل القبلة لإفتتاح الصلاة ثم ينحرف إلى جهة سيره ويقرأ وهو ماش ويركع ثم يسجد بالأرض، وهذا قول عطاء والشافعي لأن الركوع والسجود ممكن من غير إنقطاعه عن جهة سيره فلزمه كالواقف.

وقال الآمدي: يومئ بالركوع والسجود كالراكب قياساً عليه.

ووجه هذه الرواية إن الصلاة أبيحت للراكب كيلا ينقطع عن القافلة في السفر وهو موجود في الماشي ولأنها إحدى حالتي السفر أشبه الراكب (فصل) وإذا دخل المصلي بلداً ناوياً للإقامة فيه لم يصل بعد دخوله إليه إلا صلاة المقيم.

وإن كان مجتازاً غير ناو للإقامة أو نوى الإقامة مدة لا يلزمه فيها إتمام الصلاة إستدام الصلاة مادام سائراً فإذا

نزل فيه صلى إلى القبلة وبنى على ما مضى من صلاته كالخائف إذا أمن في أثناء صلاته.

ولو ابتدأها وهو نازل إلى القبلة ثم أراد الركوب أتم صلاته ثم يركب وقيل يركب في الصلاة ويتمها إلى جهة سيره، كالآمن إذا خاف في صلاته والأولى أولى، والفرق بينهما أن حالة الخوف حالة ضرورة أبيح فيها ما يحتاج إليه من العمل وهذه رخصة من غير ضرورة فلا يباح فيها غير ما نقل ولم يرد بإباحة الركوب الذي يحتاج الى عمل وتوجه إلى غير جهة القبلة ولا جهة سيره سنة فيبقى على الأصل والله سبحانه وتعالى أعلم (مسألة) (فإن أمكنه إفتتاح الصلاة إلى القبلة فهل يلزمه ذلك؟ على روايتين) متى عجز عن إستقبال القبلة في إبتداء صلاته كراكب راحلة لا تطيعه أو جمل مقطور لم يلزمه لأنه عاجز عنه أشبه الخائف إذا عجز عن ذلك، وقال القاضي يحتمل أن يلزمه، وإن أمكنه ذلك كراكب راحلة منفردة تطيعه فهل يلزمه إفتتاح الصلاة إلى القبلة؟ على روايتين (إحداهما) يلزمه لما روي أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر فأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة فكبر ثم صلى حيث كان وجهة ركابه، رواه الإمام أحمد وأبو داود، ولأنه أمكنه إبتداء الصلاة إلى القبلة فلزمه كالصلاة كلها وهذا اختيار الخرقي (والثانية) لا يلزمه لحديث ابن عمر اختاره أبو بكر ولأنه جزء من أجزاء الصلاة أشبه بقية أجزائها ولأن ذلك لا يخلو من مشقة فسقط، وخبر النبي صلى الله عليه وسلم يحمل على

<<  <  ج: ص:  >  >>