لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال " دية اليهودي والنصراني مثل دية المسلم " ولأن الله سبحانه ذكر في كتابه دية المسلم وقال (ودية مسلمة إلى أهله) قال في الذمي مثل ذلك ولم يفرق فدل لى أن ديتهما واحدة ولأنه حر ذكر معصوم فتكمل ديته كالمسلم ولنا ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " دية المعاهد نصف دية المسلم " وفي لفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن عقل أهل الكتاب نصف عقل المسلمين رواه الإمام أحمد وفي لفظ دية المعاهد نصف دية الحر قال الخطابي ليس في دية أهل الكتاب شئ أبين من هذا ولا بأس باسناده وقد قال به أحمد وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى.
فأما حديث عبادة فلم يذكره أصحاب السنن والظاهر أنه ليس بصحيح وحديث عمر إنما كان ذلك حين كانت الدية ثمانية آلاف فأوجب فيه نصفها أربعة آلاف ودليل ذلك ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال كانت قيمة الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائة دينار وثمانية آلاف درهم ودية أهل الكتاب يؤمئذ النصف
فهذا بيان وشرح يزيل الاشكال وفيه جمع للاحاديث فيكون دليلاً لنا ولو لم يكن كذلك لكان قول النبي صلى الله عليه وسلم مقدماً على قول عمر وغيره بغير إشكال فقد كان عمر رضي الله عنه إذا بلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم سنة ترك قوله وعمل بها فكيف يسوغ لأحد أن يحتج بقوله في ترك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما ما احتج به الآخرون فإن الصحيح من حديث عمرو بن شعيب ما رويناه أخرجه الأئمة في كتبهم دون ما رووه، وأما ما رووه من قول الصحابة فقد روي عنهم خلافه فيحمل قولهم في إيجاب الدية