فإن ألح فليقاتله أي يعنف في دفعه، وقوله فإنما هو شيطان أي فعله فعل شيطان أو الشيطان يحمله على ذلك، وقيل معناه أن معه شيطانا، وأكثر الروايات عن أبي عبد الله " أن المار بين يدي المصلي إذا ألح في المرور وأبى الرجوع فللمصلي أن يجتهد في رده ما لم يخرجه ذلك إلى إفساد صلاته بكثرة العمل فيها " وروي عنه أنه قال: يرد ما استطاع وأكره القتال فيها وذلك لما يفضي إليه من الفتنة وفساد الصلاة، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر برده حفظا للصلاة عما ينقضها فيعلم أنه لم يرد ما يفسدها بالكلية فيحمل لفظ المقاتلة على دفع أبلغ من الدفع الأول والله أعلم.
ويؤيد ذلك ما روت ام سلمة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في حجرة أم سلمة فمر بين يديه عبد الله أو عمرو بن أبي سلمة فقال بيده
فرجع فمرت زينب بنت أم سلمة فقال بيده هكذا فمضت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " هن أغلب " رواه ابن ماجه وهذا يدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يجتهد في الدفع (فصل) ويستحب له أن يرد ما مر بين يديه من كبير وصغير وبهيمة لما روينا من حديث أم سلمة وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى جدار فاتخذه قبلة ونحن خلفه فجاءت بهيمة تمر بين يديه فما زال يدارئها حتى لصق بطنه بالجدار فمرت من ورائه (فصل) فإن مر بين يديه إنسان فعبر لم يستحب رده من حيث جاء، وهذا قول الشعبي والثوري وإسحاق وابن المنذر، وروي عن ابن مسعود أنه يرده من حيث جاء وفعله سالم بن عبد الله لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر برده فيتناول العابر ولنا أن هذا مرور ثان فينبغي أن لا يتسبب إليه كالأول ولأن المار لو أراد أن يعود من حيث جاء لكان مأمورا بدفعه ولم يحل للعابر العود والحديث إنما يتناول من أراد المرور لقوله " فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه " وبعد العبور فليس هو مريدا للاجتياز (فصل) ولا يقطع المرور الصلاة بل ينقصها نص عليه وروي عن ابن مسعود: أن ممر الرجل ليضع