يجوز عقد الأمان للرسول والمستأمن، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤمن رسل المشركين ولما جاءه رسولا مسليمة (مسيلمة) قال لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكما ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك لأننا لو قتلنا رسلهم لقتلوا رسلنا فتفوت مصلحة المراسلة ويجوز عقد الأمان لكل واحد منهما مطلقاً ومقيداً بمدة سواء كانت طويلة أو قصيرة بخلاف الهدنة فإنها لا تجوز إلا مقيدة لأن في جوازها مطلقة ترك للجهاد وهذا بخلافه ويجوز أن يقيموا مدة الهدنة بغير جزية، ذكره القاضي، قال أبو بكر هذا ظاهر كلام أحمد.
وقال أبو الخطاب عندي أنه لا يجوز أن يقيم سنة بغير جزية وهو قول الأوزاعي والشافعي لقول الله تعالى (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) ووجه الأول أنه كافر أبيح له الاقامة في دار الإسلام من غير التزام جزية فلم يلزمه كالنساء والصبيان ولأن الرسول لو كان مما لا يجوز أخذ الجزية منه لاستوى في حقه السنة وما دونها في أن الجزية لا تؤخذ منه في المدتين فإذا جازت له الإقامة في إحداهما جازت في الأخرى قياساً لها عليها وقوله تعالى (حتى يعطوا الجزية عن يد وهو صاغرون) أي يلتزمونها ولم يرد حقيقة الإعطاء وهذا مخصوص منها بالاتفاق فإنه تجوز له الإقامة من غير التزام لها ولأن الآية تخصصت بما دون الحول فنقيس على المحل المخصوص.