للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى (إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) واحتج من أجاز الأخذ بحديث هند حين جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله أن أبا سفيان رجل صحيح وليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي فقال " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف " متفق عليه وإذا جاز لها أن تأخذ من مالها ما يكفيها بغير إذنه جاز للرجل الذي له الحق على الرجل ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك " رواه الترمذي وقال حديث حسن ومتى أخذ منه قدر حقه من ماله بغير إذنه فقد خانه فيدخل في عموم الخبر وقال عليه الصلاة والسلام " لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه " ولأنه إن أخذ من غير جنسه كان معاوضة بغير تراض، وإن أخذ من جنس حقه فليس له تعيين الحق بغير رضاء صاحبه فإن التعيين إليه ألا ترى أنه لا يجوز له أن يقول لا آخذ حقي إلا من هذا الكيس دون هذا ولأن كل ما لا يجوز له تملكه إذا لم يكن له دين لا يجوز له أخذه إذا كان له دين كما لو كان باذلا له فأما حديث هند فإن أحمد اعتذر عنه بأن حقها واجب عليه في كل وقت وهذا إشارة منه إلى الفرق بالمشقة في المحاكمة في كل وقت والمخاصمة كل يوم تجب فيه النفقة بخلاف الدين، وفرق أبو بكر بينهما بفرق آخر وهو أن قيام الزوجية كقيام البينة فكأن الحق صار معلوماً بعلم قيام مقتضيه وبينهما فرقان آخران (احداهما) أن للمرأة من البسط في ماله بحكم العادة ما يؤثر في إباحة أخذ الحق وبذل اليد فيه بالمعروف بخلاف الأجنبي

(الثاني) أن النفقة تراد لاحياء النفس وابقاء المهجة وهذا مما لا يصبر عنه ولا سبيل إلى تركه فجاز أخذ ما تندفع به هذه الحاجة بخلاف الدين حتى يقول لو صارت النفقة ماضية لم يكن لها أخذها ولو وجب لها عليه دين آخر لم يكن لها أخذه فعلى هذا إن أخذ شيئاً لزمه رده إن كان باقيا وإن كان تالفاً وجب مثله إن كان مثلياً أو قيمته أن كان متقوماً فإن كان من جنس دينه تقاصا وتساقطا في قياس المذهب وإن كان من غير جنسه غرمه، ومن جوز من أصحابنا الأخذ فإنه إن وجد جنس حقه جاز له الأخذ بقدر حقه من غير زيادة وليس له الأخذ من غير جنسه مع قدرته على جنس حقه، وإن لم يجد إلا من جنس غير حقه فيحتمل أن لا يجوز له تملكه لأنه لا يجوز له أن يبيعه من نفسه وهذا يبيعه من نفسه وتلحقه فيه تهمة، ويحتمل أن يجوز له ذلك كما قالوا الرهن ينفق عليه إذا كان محلوباً أو مركوباً

<<  <  ج: ص:  >  >>