وأبي يوسف ومحمد لما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أعتق شقصاً له في مملوك فعليه أن يعتقه كله إن كان له مال وإلا استسعى العبد غير مشقوق عليه) متفق عليه، ورواه أبو داود قال ابن أبي ليلى وابن شبرمة فإذا استسعى في نصف قيمته ثم أيسر معتقه رجع عليه بنصف القيمة لأنه هو أجلاه إلى هذا وكلفه إياه، وعن أبي يوسف ومحمد أنهما قالا يعتق جميعه وتكون قيمة نصيب الشريك في ذمته لأن العتق لا يتبعض فإذا وجد في البعض سرى إلى جميعه كالطلاق وتلزم المعتق القيمة لأنه المتلف لنصيب صاحبه بإعتاقه فوجبت قيمته في ذمته كما لو أتلفه وقال أبو حنيفة لا يسري فيه العتق وإنما يستحق به إعتاق النصيب الباقي فيخير شريكه بين إعتاق نصيبه ويكون الولاء بينهما
وبين أن يستسعى العبد في قيمة نصيبه فإذا أداه إليه عتق والولاء بينهما ولنا حديث ابن عمر وهو صحيح ثابت عند جميع العلماء بالحديث ولأن الاستسعاء إعتاق بعوض فلم يجبر عليه كالكتابة ولأن في الاستسعاء إضراراً بالشريك والعبد أما الشريك فإنا نحيله على سعاية قد لا يحصل منها شئ أصلاً وإن حصل فالظاهر أنه يكون متفرقا ويفوت عليه ملكه وأما العبد فإنه يجبره على سعاية لم يردها وكسب لم يختره وهذا ضرر في حقهما وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرار) وقال سليمان بن حرب أليس ألزم المعتق ثمن ما بقي من العبد لئلا يدخل على شريكه ضرر فإذا أمروه بالسعي وإعطاء كل شهر درهمين ولم يقدر على تملكه فإي ضرر أعظم من ذلك؟