محدث، والأول أولى لما روى أنس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء متفق عليه ولما ذكرنا من حديث عائشة وروى ابو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" نزلت هذه
الآية في أهل قباء (فيه رجال يحبون أن يتطهروا) قال كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيه هذه الآية " رواه أبو داود وروي عن ابن عمر أنه كان لا يفعله ثم فعله وقال لنافع إنا جربناه فوجدناه صالحا ولأنه يطهر النجاسة في غير محل الاستنجاء فجاز في محل الاستنجاء قياساً عليه، فأما الاقتصار على الاستجمار فهو جائز بغير خلاف بين أهل العلم لما يذكر من الأخبار وهو إجماع الصحابة رضي الله عنهم، ومتى أراد الاقتصار على أحدهما فالماء أفضل لما روينا من الأحاديث ولأنه يزيل العين والأثر ويطهر المحل وأبلغ في التنظيف (مسألة) قال (ألا إن يعدوا الخارج موضع الحاجة فلا يجزئ إلا الماء) مثل أن ينتشر إلى الصفحتين أو يمتد إلى الحشفة كثيرا وبهذا قال الشافعي وإسحاق وابن المنذر لأن الاستجمار في المحل المعتاد رخصة لأجل المشقة في غسله لتكرر النجاسة فيه فما لا يتكرر لا يجزئ فيه إلا الماء كساقية ولذلك قال علي رضي الله عنه - إنكم كنتم تبعرون بعرا وأنتم اليوم تثلطون ثلطا فأتبعوا الماء الأحجار فأما قوله عليه السلام " يكفي أحدكم ثلاثة أحجار " يحمل على ما إذا لم يتجاوز موضع العادة لما ذكرنا (فصل) والمرأة البكر كالرجل لأن عذرتها تمنع انتشار البول، فأما الثيب فإن خرج البول بحدة ولم ينتشر فكذلك وإن تعدى إلى مخرج الحيض فقال أصحابنا يجب غسله لأن مخرج الحيض غير مخرج البول، قال شيخنا ويحتمل أن لا يجب لأن هذا إعادة في حقها فكفى فيه الاستجمار كالمعتاد في غيرها ولأن الغسل لو لزمها لبينه النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه لكونه مما يحتاج إلى معرفته، وإن شك في انتشار الخارج لم يجب الغسل لأن الأصل عدمه والأولى الغسل احتياطا