رأيتموني أصلي " ولأن الخطبتين أقيمتا مقام الركعتين فكل خطبة مكان ركعة، فالاخلال بإحداهما اخلال باحدى الركعتين * (فصل) * ويشترط لكل واحدة منهما حمد الله تعالى والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال " كل كلام ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أبتر " وقال جابر رضي الله عنه كان رسول الله عليه وسلم يخطب الناس يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله ثم يقول " من بهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له " وإذا وجب ذكر الله وجب ذكر النبي صلى الله عليه وسلم كالأذان ولأنه قد روي في تفسير قوله تعالى (ورفعنا لك ذكرك) قال لا أنكر إلا ذكرت معي، ويحتمل أن لا تجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر ذلك في خطبته * (فصل) * والقراءة في كل واحدة من الخطبتين شرط وهو ظاهر كلام الخرقي لأن الخطبتين أقيمتا مقام الركعتين فكانت القراءة فيهما شرطاً كالركعتين، ولأن ما وجب في إحداهما وجب في الأخرى كسائر الفروض، ويحتمل أن يشترط القراءة في إحداهما لما روى الشعبي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر يوم الجمعة استقبل الناس وقال " السلام عليكم " ويحمد الله ويثني عليه ويقرأ سورة ثم يجلس ثم يقوم فيخطب ثم ينزل، وكان أبو بكر وعمر يفعلانه رواه الأثرم.
والظاهر أنه إنما قرأ في الخطبة الأولى * (فصل) * وتجب الموعظة لأنها المقصودة من الخطبة فلم يجز الإخلال بها ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعظ، وفي حديث جابر بن سمرة أنه كان يذكر الناس وتجب في الخطبتين جميعاً لأن ما وجب في إحداهما وجب في الأخرى كسائر الشروط وهذا قول القاضي.
وظاهر كلام الخرقي أن الموعظة إنما تكون في الخطبة الثانية لما ذكرنا من حديث الشعبي، وقال أبو حنيفة لو أتى بتسبيحة
أجزأ لأن الله تعالى قال (فاسعوا إلى ذكر الله) فأجزأ ما يقع عليه الذكر، ولأن اسم الخطبة يقع على دون ما ذكرتم بدليل أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال علمني عملا أدخل به الجنة؟ فقال " أقصرت من الخطبة لقد أعرضت في المسألة " وعن مالك كالمذهبين ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر الذكر بفعله.
قال جابر بن سمرة كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قصداً وخطبته قصداً يقرأ آيات من القرآن ويذكر الناس رواه أبو داود والترمذي وقد ذكرنا حديث جابر بن سمرة.
وأما التسبيح فلا يسمى خطبة، والمراد بالذكر الخطبة، وما