للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

روى بسنده عن عمرو قال: لما قدم عمرو بن العاص من أرض الحبشة جلس في بيته فلم يخرج إليهم، فقالوا: ما شأنه؟ ما له لا يخرج؟ فقال عمرو: إن أصْحمة يزعم أن صاحبكم نبي (١).

وروى بسنده عن ابن شهاب قال: بلغني أن مخرج عمرو بن العاص. وابن أبي ربيعة إلى أرض الحبشة فيمن كان بأرضهم من المسلمين كان بعد وقعة بدر. فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مخرجهما بعث عمرو بن أمية الضمري من المدينة. إلى النجاشي بكتاب (٢).

وروى بسنده عن عروة بن الزبير فذكر هجرة المسلمين إلى أرض الحبشة ثم قال: فلما كانت وقعة بدر، وقتل الله فيها صناديد الكفار، قال كفار قريش: إنّ ثأركم بأرض الحبشة، فأهدوا إلى النجاشي وابعثوا إليه رجلين من ذوي رأيكم، لعله يعطيكم من عنده من قريش، فتقتلونهم بمن قتل ببدر، فبعث كفار قريش عمرو بن العاص وعبد الله بن أبى ربيعة، وأهدوا للنجاشي ولعظماء الحبشة هدايا.

فلما قدما على النجاشي قبل هداياهم، وأجلس معه عمرو بن العاص على سريره. فقال لهم النجاشي: ما دينكم؟ أنَصَارى أنتم؟ قالوا: لا. قال: فما دينكم؟ ديننا الإسلام، قال: وما الإسلام؟ قالوا: نعبد الله ولا نشرك به شيئًا، قال: ومن جاءكم بهذا؟ قالوا: جاءنا به رجل من أنفسنا قد عرفنا وجهه ونسبه، أنزل الله عليه كتابه، فعرفنا كلام الله وقد صدقناه. قال لهم النجاشي: فبم يأمركم؟ قالوا: يأمرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئًا، ويأمرنا أن نترك ما كان يعبد آباؤنا، ويأمرنا بالصلاة وبالوفاء وبأداء الأمانة وبالعفاف.

قال النجاشي: فوالله إن خرج هذا إلَّا من المشكاة التي خرج منها أمر موسى عليه السلام، فقال عمرو بن العاص حين سمع ذلك من النجاشي: إنّ هؤلاء يزعمون أن ابن مريم إلهك الذي تعبد عبدٌ: فقال النجاشي لجعفر ومن معه من المهاجرين:. ماذا تقولون في عيسى بن مريم؟ قالوا: نقول هو عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه،


(١) دلائل النبوة للبيهقي ج ٢/ ٣٠٧.
(٢) الدرر لابن عبد البر. ص ١٣٤.

<<  <   >  >>