على أنا لو أجبناك إلى ما دعوتنا إليه لم يضرنا؛ لأنا إذا جعلنا نصف الأهلة للحج، ثبت جواز الإحرام قبل شوال بأشهر، ومخالفنا يمنع جوازه قبل شوال.
فإن قيل: إذا شرع الله التوقيت أقتضى الجواز والإباحة، فأما الكراهة فلا، وعندكم يكره الإحرام في غير أشهره.
قيل له: الكراهة لا ترجع إلى الوقت، وإنما ترجع إلى معنى أخر، وهو الدخول في الخلاف، أو خوف مواقعه المحظور.
والقياس: أنه زمان يصلح لإحرام العمرة، فوجب أن يصلح لإحرام الحج.
دليله: أشهر الحج.
فإن قيل: العمرة غير مؤقتة بأشهر الحج، فجاز تقديمها عليه، وليس كذلك الإحرام بالحج؛ فإنه مؤقت بأشهر الحج، فلم يجز تقديمه عليه، كما لا يجوز [تقديم] سائر أفعال الحج.
قيل له: أفعال الحج مؤقتة بأشهر الحج، كالوقوف، والطواف الفرض، والرمي، والإحرام متميز من الأفعال؛ لأنها لا تتعقبه، فيصير كنية الصوم، والوضوء للصلاة.