فإن قيل: لو اختلط لبن شاته بلبن شاة غيره، لم يجب العدول إلى غير جنسه، بل يجعل بينهما.
قيل له: ذلك اللبن لا سبيل إلى الوقوف على مقداره قبل الخلط، وليس كذلك هاهنا؛ لأنه لا سبيل لنا إلى معرفة مقداره؛ لأن اختلاطه من أصل الخلقة، فهو كالجنين؛ لا سبيل لنا إلى معرفة صفته بحال، فجعل فيه الغرة قطعًا للخصومة.
وجواب آخر، وهو: أن المضمونات على ضربين:
منها ما يضمن بالمثل.
ومنها ما يضمن بالقيمة.
وما يضمن بالقيمة من جنسه ما لا يضمن بالقيمة، كالعبيد؛ يضمنون بالقيمة، والأحرار من جنسهم لا يضمنون بالقيمة، وجب أن يكون من جنس ما يضمن بالمثل ما لا يضمن بالمثل، ويضمن بالقيمة.
وأما قولهم:(هذا يؤدي إلى أن يضمنه بأكثر من قيمته، أو أقل)، فلا يصح أيضًا؛ لأنه إنما لا يجوز ذلك في الموضع الذي يعرف مبلغ المتلف، وفي هذا الموضع اللبن مجهول المقدار، فيقع التداعي والخصومة في قدره، فأوجب فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - مقدار، فيقع التداعي والخصومة في قدره، فأوجب فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - مقدارًا معلومًا قطعًا للخصومة، كما أوجب ذلك في الجنين غرة؛ عبدًا أو أمة؛ سواء كان ذكرًا أو أنثى؛ لقطع الخصومة، ولأنه قد لا يبين فيه أنه ذكر، أو أنثى، وربما خرج منقطعًا.