وعلى أنهم رجَّحوا خبره في مسألة القرآن، فقالوا: هو من الأهل على رواية أنس، فكيف يجوز مناقضة ذلك؟!
فإن قيل: فقد تعارضت الرواية عن ابن عباس:
فروى أحمد فيما ذكره أبو بكر بإسناده عن قتادة، عن أبي حسان، عن ابن عباس قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر بذي الحليفة، ثم دعا ببدنة، فأشعر صفحة سنامها الأيمن، وسلت الدم عنها، وقلدها نعلين، ثم دعا براحلته، فلما استوت على البيداء أهل بالحج.
قيل: هذا ليس بمعارض، وإنما بعض خبر سعيد بن جبير؛ لأنه بين في ذلك الخبر: أنه أهل عقيب الصلاة، وحين استوى على راحلته، وحين استوى على البيداء، فهذا بعض الخبر.
واحتج بأن الشافعي روى عن مسلم بن خالد، عن [ابن] جريج، عن أبي الزبير، عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: «إذا توجهتم إلى منى فأهلوا بالحج».
قالوا: وهذا بعد إهلاله بذي الحليفة، فيكون نسخًا.
والجواب: أن معناه: إذا أردتم الرواح، بدلالة: أنه لم يذكر الصلاة، ولا خلاف أن الصلاة تقدم على الإحرام، فعلم أنه قصد بهذا وقت الدخول، ولم يقصد به بيان كيفية الدخول.