لأنكم تقولون: الصوم مشروع فيه استحباباً، ونحن نقول: وجوباً، وليس كذلك سائر العبادات؛ لأنه ليس بمشروع ولا واجب، فبان الفرق بينهما.
قيل له: هذا لا يمنع صحة الاعتبار؛ لأن الصلاة يستحب لها كمال اللباس، وما زاد على ستر العورة ليس بشرط فيها؛ كما ليس بشرط في صحة سائر العبادات، وافتراقهما في استحباب كمال اللباس لا يوجب افتراقهما في الإيجاب.
فإن قيل: يجوز أن يكون ابتداء الاعتكاف يخلو من الصوم، ويكون شرطاً في استدامته؛ كما كانت القراءة شرطاً في استدامة الصلاة دون ابتدائها.
قيل له: القراءة ليست بشرط، وإنما هي ركن من أركان الصلاة كالركوع والسجود، وأما ما كان شرطاً، فابتداؤها واستدامتها فيه سواء، كاستقبال القبلة وستر العورة.
ولأن ما لم يكون شرطاً في صحة الاعتكاف بالليل لم يكون شرطاً فيه بالنهار، وقياساً على سائر الأذكار والأفعال، وعكسه الكون في المسجد والإيمان والعقل.