للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[والمماثلة من جهة الخلقة] تعلم بالحس والمشاهدة، والقيمة تعلم من جهة الاجتهاد.

قيل له: الحكم بالمثل من طريق الخلقة يحتاج إلى اثنين، لأنه ينظر إلى ما يشبه المقتول من النعم، وهذا يحتاج فيه إلى نظر واجتهاد أكثر من القيمة، وتُشترط فيه العدالة أيضاً؛ أنه مما يدق ويخفى، فهو مجبر بما يغلب على ظنه، فافتقر إلى العدالة.

فإن قيل: فقد قال تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: ٩٥]، والتخيير إذا حصل بين أشياء، فكل واحد منهما متعلق بما تعلق به الآخر، فكأنه قال: مثل هو هدي، أو مثل هو إطعام مساكين، أو مثل هو صيام.

وهذا لا يكون إلا على قول من أوجب القيمة، فإلى أي الأصناف الثلاثة صرفها كانت هي المثل.

قيل له: نحن -وإن قلنا: يضمن بنظيره- فإنه مخير بين النظير وبين قيمته طعاماً، وبين الصيام عن كل مد يوماً، فلم يصح.

فإن قيل: فقوله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ}.

ظاهره يقتضي: أنه حكم باقٍ أبداً، وهذا لا يكون إلا في القيمة التي تختلف باختلاف الأزمان، فأما المثل من طريق الخلقة؛ فإنهما إذا حكما به كان ذلك باقياً، فلا يُحتاج إلى الحكمين فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>