وعلى أن قوله:{مِنَ النَّعَمِ} يقتضي وجوب صرفة ذلك في النعم، وهم لا يوجبون ذلك.
فإن قيل: إذا تنازعنا في المراد بالمثل، كان حمله على القيمة أولى من حمله على المثل من جهة الخلقة والصورة؛ لأن فيه حمل الآية على عمومها؛ لأنه يدخل تحتها ما له نظير، وما لا نظير له، وفي حمله على المثل من جهة الخلقة تخصيص الآية.
قيل له: لسنا نسلم العموم حين يكون حمله عليه أولى من تخصيصه؛ لأنا قد بينا أنها تناولت مثلاً من طريق الصورة من النعم.
فإن قيل: إذا حملنا المثل على القيمة كان موافقاً للأصول وإذا حملناه على المثل من جهة الخلقة كان مخالفاً لها؛ لأنا قد وجدنا قيمة الشيء مثلاً له في الأصول، ولم نجد مثله في الخلقة من غير جنسه مثلاً له.
قيل له: إنما يكون أولى إذا كان اللفظ ينتظم جنس الصيود، وقد بينا: أن اللفظ خاص، فلا يجوز اطراح اللفظ [ .... ] الأصول.
على أنا نتكلم على ذلك في ما بعد.
فإن قيل: فقد قال: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ}، فلو كان المراد به المثل من جهة الخلقة لما احتيج إلى حكمين عدلين؛ لأن العدالة يحتاج إليها في ما يعلم بالخبر دون المشاهدة والمماثلة من جهة الخلقة،