حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق عن معمر قال: الزّهري أخبرَني عن عروة بن الزبير عن المِسور بن مَخرمة ومروان بن الحكم، يُصدّق كلّ واحد منهما حديث صاحبه، قالا:
خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- زمان الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه، حتى إذا كانوا بذي الحُلَيفة قَلَّدَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الهَدْيَ وأشعَرَه، وأحرم بالعُمرة، وبعثَ بين يدَيه عَينًا له من خُزاعة يُخْبرُه عن قريش، وسار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى إذا كان بغَدير الأشطاط قريبًا من عُسفان، أتاه عينُه الخزاعي، فقال: إنّي تَرَكْتُ كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد جمعوا لك الأحابيش، وهم مُقاتِلوك وصادُّوك عن البيت. فقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أشيروا عليّ، أتَرَون أن نميلَ إلى ذراريّ هؤلاء الذين أعانوهم فنُصيبَهم، فإن قعدوا قعدوا موتورين محروبين، وإن نجَوا تَكُنْ عُنُقًا قطعها اللَّه عزّ وجلّ؟ . أو تَرَون أن نَؤُمَّ البيتَ، فمن صَدَّنا عنه قاتَلْناهم؟ " فقال أبو بكر: اللَّه ورسوله أعلم يا نبيَّ اللَّه، إنما جِئْنا مُعْتَمِرين ولم نجِىءْ نقاتل أحدًا، ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلْناه. قال:"فرُوحوا إذًا" فراحوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنّ خالد بن الوليد بالغَميم في خيل من قريش طليعةً، فخُذوا ذات اليمين. فواللَّه ما شعر بهم خالد حتى إذا هو بقَتَرة الجيش، فانطلق يركُضُ نذيرًا لقريش.
وسارَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى إذا كان بالثَنِيّة التي يُهْبَطُ عليهم منها بَرَكَتْ به راحلتُه، فقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "حَلْ، حَلْ" فألَحَّتْ، فقالوا: خلأتِ القصواء، خَلأت القصواء. فقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما خلأتِ القصواءُ، وما ذاك لها بخُلُق، ولكن حبسها حابسُ الفيل" ثم قال: "والذي نفسي بيده، لا يسألوني خُطّةً يُعَظِّمون فيها حُرُمات اللَّه عزّ وجلّ، إلّا أعطيتُهم إيّاها" ثم زجرها فوثبت به، فعَدَلَ حتى نزل بأقصى الحديبية على ثَمَدٍ قليل الماء، إنما يتبرَّضُه الناسُ تَبَرُّضًا، فلم يُلَبِّثْه الناس أن نزحوه، فشُكِيَ إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- العطشُ، فانترع سهمًا من كِنانته، ثم أمرَهم أن يجعلوه فيه، فواللَّه ما زال يجيشُ لهم بالرِّي حتى صدروا عنه.
فبينما هم كذلك إذ جاء بُديل بن ورقاء في نفر من قومه، وكانوا عَيبه نُصح رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (١). قال: إنّي تركتُ كعبَ بن لؤيّ وعامرَ بن لؤي، قال: تركتُهم قد نزلوا أعداد