للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لمَّا هَلَكَت" (١) خديجة] جاءت خولة بنت حكيم امرأةُ عثمان بن مظعون فقالت: يا

رسول الله، ألا تَزَوَّجُ؟ . قال: "من؟ " قالت: إن شِئْتَ بِكرًا وإن شِئتَ ثَيِّبًا. قال: "فمن

البِكر؟ " قالت: ابنة أحبُّ خلق الله إليك، عائشهَ ابنة أبي بكر. قال: "ومَن الثِّيِّب؟ "

قالت: سودةُ ابنة زمعة، قد آمَنَتْ بك واتَّبَعَتْك على ما تقول. قال: "فاذهبي فاذكريهما

عليّ".

فدخَلْتُ بيت أبي بكر فقلمث: يا أمَّ رُومان، ماذا أَدخلَ اللهُ عليكم من الخير والبركة؟

قالت: وما ذاك؟ قالت: أرسلَني رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخطُبُ عليه عائشة. قالت: انتظري أبا بكر

حتى يأتيَ. فجاء أبو بكر فقالت: يا أبا بكر، ماذا أدخلَ الله عليكم من الخير والبركة؟

قال: وما ذاك؟ قالت: أرسلني رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخطُبُ عليه عائشة. قال: وهل تصلُحُ له؟

إنما هي بنت أخيه. فرجعتُ إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكرْتُ ذلك له. قال: ارجعي إليه فقولي

له: أنا أخوك وأنت أخي في الإسلام، وابنتُك تصفح لي". فرجعَتْ فذكرَتْ ذلك له.

فقال: انتظري، وخرج. قالت أمّ رمان: إنْ مُطْعِمَ بنَ عَدِيّ قد كان ذكرها على ابنه، فوالله

ما وعدَ أبو بكر وعدًا قطُّ فأخلفه (٢). فدخل أبوبكر على مُطعم بن عدي وعنده امرأتُه أُمُّ

الفتي، فقالت: يا ابنَ أبي قحافة، لعلَّك مُصْبِىءٌ صاحبَنا، مُدْخِلُه في دينك الذي أنت

عليه إن تزوَّجَ إليك. قال أبوبكر للمُطعم بن عديّ: أقَوَّلَ هذه تقول؟ قال: إنَّها تقول ذلك.

فخرج من عنده وقد أذهبَ اللهُ ما كان في نفسه من عِدَته التي وعدَه، فرجع فقال لخولة:

ادْعي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فدَعَتْه فزوَّجَها إياه، وعائشة يومئذ بنت ستَ سنين.

ثم خرجت فدخلتْ على سودة ابنة زمعة، فقالت: ماذا أدخل الله عليك من الخير

والبركة؟ قالت: وما ذاك؟ قالت: أرسلَني رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخطُبُك عليه. قالت: وَدِدْتُ،

ادخُلِي إلى أبي فاذكُري ذلك له. وكان شيخًا كبيرًا قد أدركَتْه السِّنُّ، قد تخلَّفَ عن الحَجِّ،

فدخلتْ عليه فحيَّتْه بتحيِّة الجاهليّة. فقال: من هذه؟ فقالت: خولة بنت حكيم. قال:

فما شأنكِ؟ قالت؟ أرسلَني محمد بن عبد الله أخطُبُ عليه سودة. قال: كُفء كريم، ماذا

تقول صاحبتُك؟ قالت: تُحِبُّ ذلك. قال: ادعيها لي. فدَعَتْها، فقال: أيْ بُنَيَّه، إن هذه

تزعُمُ أنَّ محمد بن عبد الله بن عبد المطلَّب قد أرسل يخطُبُك، وهو كُفٌء كريم، أتُحِبِّين


(١) هلكت: ماتت.
(٢) عبارة المسند "فوالله ما وعد وعدًا قطّ فأخلفه لأبي بكر".

<<  <  ج: ص:  >  >>