للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنّي خاطبٌ على الناس ومُخْبِرُهم برضاكم" فقالوا نعم. فخطب فقال: "إنّ

هؤلاءِ الليثيّين أتَوني يريدون القَوْد، فعرَضْتُ عليهم كذا وكذا فرَضُوا، أفَرَضِيتم؟ " قالوا: لا.

فهمّ المهاجرون بهم، فأمرَهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يكُفّوا، فكَفّوا. ثم دعاهم فزادهم وقال:

"أَرَضِيتُم؟ " قالوا: نعم. قال: "فإني خاطبٌ على الناس ومُخْبِرُهم برضاكم" قالوا: نعم.

فخطب النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الناسَ، ثم قال: "أَرَضِيتُم؟ " قالوا: نعم (١).

(٧١٩٥) الحديث الخامس والخمسون: وبه عن عائشة قالت:

أوّل ما بدىء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرُّؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا

إلا جاءت مثلَ فَلَق الصُّبح. ثم حُبِّبَ إليه الخَلاءُ، فكان يأتي حِراء فيتحنّثُ فيه- وهو

التعبُّدُ- اللياليَ ذواتَ العدد، ويتزوّدُ لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فتُزَوِّدُه لمثلها، حتى

فَجِئَه الحقُّ في غار حِراء، فجاءه المَلَكُ فيه فقال: اقرأْ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أنا

بقارىء." قال: "فأخذني فغطَّني حتى بلغ من الجَهْدُ، ثم أرْسَلَني فقال: اقرأْ. قلت: ما أنا

بقارىء، فغطّني الثانية حتى بلغ منّي الجَهْدُ ثم أرسلني، فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا

بقارىء، فغَطّني الثالثةَ حتى بلغ مني الجَهْدُ، ثم أرسلني فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} حتى بلغ: {مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: ١ - ٥]. قال: فرجع بها تَرْجُفُ بوادِرُه، حتى

دخل على خديجة فقال: "زمِّلوني، زمَّلوني" فزمَّلُوه حتى ذهب عنه الرَّوع، فقال: "يا

خديجةُ مالي؟ " وأخبرها الخبر، وقال: "قد خَشِيَتْ عليّ" فقالت له: كلا، أبْشر، فواللهُ لا

يُخزيك الله أبدًا، إنك لتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحديث وتَحْمِلُ الكَلِّ، وتَقري الضيف،

وتُعين على نوائب الحقّ.

ثم انطلقتْ به خديجة حتى أتت به ورقةَ بن نوفل بن أسد بن عبد العُزّى بن قُصَيّ،

وهو ابن عمّ خديجة أخي أبيها، وكان امرأً تَنَصَّرَ في الجاهلية، وكان يكتبُ الكتاب

العربيّ، يكتبُ بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخًا كبيرًا قد عَمِي.

فقالت خديجة: أيْ ابنَ عَمِّ، اسمع من ابن أخيك. فقال ورقة: ابنَ أخي، ما ترى؟

فأخبَره رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ما رأى. فقال ورقةُ: هذا الناموس الذي أُنزل على موسى، يا ليتني

فيها جَذَعًا، أكون حيًّا حين يُخْرِجُك قومُك. فقال رسول الله في: "أوَمُخْرِجيَّ هم؟ " فقال


(١) المسند ٦/ ٢٣٢، وإسناده صحيح. وأخرجه أبو داود ٤/ ١٨١ (٤٥٣٤)، وابن ماجة ٢/ ٨٨١ (٢٦٣٨)،
والنسائى ٨/ ٣٥، وابن حبّان ١٠/ ٣٣٩ (٤٤٨٧) وصحّحه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>