للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عزّ وجلّ الشّفاعة لأمَّتي فأعطانيها، وهي نائلةٌ إن شاء اللَّه لمن لا يُشرك باللَّه شيئًا" (١).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى قال: حدّثنا قُدامَة بن عبد اللَّه قال: حدّثتني جَسرة بنت دَجاجة أنها انطلقت معتمرةً، فانتهتْ إلى الرَّبَذة، فسمعْتُ أبا ذرّ يقول:

قام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلةً من الليالي في صلاة العشاء فصلّى بالقوم، ثم تخلَّفَ أصحابٌ له يُصلّون، فلمّا رأى قيامَهم وتخلُّفَهم انصرفَ إلى رحله، فلما رأى القومَ قد أخلَوا المكانَ رجع إلى مكانه فصلّى، فجئتُ فقُمْتُ خلفَه، فأومأ إليَّ بيمينه، فقمتُ عن يمينه، ثم جاء ابن مسعود فقام خلفي وخلفَه، فأومأ إليه بشماله فقام عن شماله، فقُمْنا ثلاثتنا، يُصلّي كلُّ رجل منّا بنفسه، ويتلو من القرآن ما شاء اللَّه أن يتلو، وقام بآية من القرآن يُردِّدها حتى صلّى الغداة، فلمّا أصبحْنا أومأتُ إلى عبد اللَّه بن مسعود: أن سَلْه: ما أراد إلى ما صنعَ البارحة؟ فقال ابن مسعود بيده: لا أسألُه عن شيء حتى يُحْدِثَ إليَّ. فقلتُ: بأبي وأُمِّي، قمتَ بآيةٍ من القرآن ومعك القرآنُ، لو فعل هذا بعضُنا وَجَدْنا عليه! قال: "دعوتُ لأمّتي". قلتُ: فماذا أُجِبْتَ؟ أو: ماذا رُدَّ عليك؟ قال: "أُجِبْتُ بالَّذي لو اطّلَعَ عليه كثير منهم طلعةً تركوا الصلاة" قلت: "أفلا أُبَشِّرُ النّاس؟ قال: "بلى". فانطلقت مُعْنِقًا (٢) قريبًا من قذفة بحجر، فقال عمر: يا رسول اللَّه، إنّك إنْ تَبعثْ إلى النّاس بهذا يكسلوا عن العبادة. فناداه: أن ارجع، فرجع. وتلك الآية: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (٣).

(١٢٦٤) الحديث السابع والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سُفيان قال: حدّثنا هشام بن عروة عن أبيه عن أبي مُراوح عن أبي ذرٍّ قال:

قلتُ: يا رسول اللَّه، أيُّ العمل أفضل؟ قال: "إيمانٌ باللَّه، وجهادٌ في سبيله" قال:


(١) المسند ٥/ ١٤٩. ومحمد بن فُضَيل من رجال الشيخين. وجَسْرة العامرية تابعيّة ثقة. أما فلَيت العامري، ويقال أفلت، فهو صالح الحديث، مقبول. واختلف فيه: هل هو وقدامة بن عبد اللَّه الآتي في الحديث التالي واحد، أو اثنان؟ إلى الأوّل مال ابن حجر، وإلى الثاني المزّي. ينظر التقريب ٢/ ٤٨٥، وتهذيب الكمال ١/ ٢٨١، ٦/ ١١٠، ٨/ ٥٢٣.
(٢) مُعْنق: مُسرع.
(٣) المسند ٥/ ١٧٠. وأخرجه مختصرًا النسائي ٢/ ١٧٧، وابن ماجة ١/ ٤٢٩ (١٣٥٠)، والحاكم ١/ ١٤٢ وصحّحه، ووافقه الذهبي، كلّهم عن يحيى بن سعيد عن قدامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>