الكون موجود بالضرورة ذو انحلال وتركيب دائمين، ولم يتصف بنصف ما عند مؤلفي كتب البراهمة المقدسة من الشك، ولم يدخل إلى القرآن مثل التأملات الآتية التي تجدها في كتب الويدا:«من أين أتي هذا الكون؟ أهو من صنع خالق أم لا؟ يعلم ذلك من ينظر من فوق الفلك، وقد لا يعلم.»
ولكن أقوالاً مجردة مثل هذه لا تنفع غير الفلاسفة، ومحمد لم يزعم أنه يكتب من أجل الفلاسفة، وكان من مقاصد محمد أن يقيم ديناً سهلاً يستمرئه قومه، وقد وفق لذلك حين أخذ من الأديان الأخرى ما يلائمهم، ولم يفكر محمد في إبداع دين جديد قط، وهو الذي أعلن أنه يسير على غرار من تقدمه من أنبياء بني إسرائيل من إبراهيم إلى عيسى قائلاً إن ما أوحي إليهم صحيح، والحق أن اليهودية والنصرانية والإسلام فروغ ثلاثة لأصل واحد، وأنها ذات قربي وشيجة.
والدين الذي دعا النبي إليه الناس سهل جداً، وقد عرفه محمد بالكلمات القليلة الآتية حين أتاه جبريل بزي العرب وسأله عنه، وهي:«أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً»، وهذا التعريف الذي قبله جبريل تام كما هو واضح.
ويلخص المسلم الإسلام في هاتين الكلمتين اللتين لا ينكر إيجازهما، وهما:«لا إله إلا الله محمد رسول الله.»
وإنني أنقل من القرآن بضع آيات في كل موضوع مهم، وأرتب ما نقلته من آياته على حسب الموضوعات نظراً إلى أن ما ورد من الآيات في الموضوع الواحد مبعثر فيه اتفاقاً.
وإنني أبدأ بما جاء في القرآن عن مصدره وعن قرباه الوشيجة بالكتب المقدسة التي أتت قبله: