والألوان التي استعملها العرب في مصر هي اللون الأحمر واللون الأزرق واللون الأصفر واللون الأخضر واللون الذهبي، وأثبت أوُين جونس، الذي هو أفضل مَن بَحث في دقائق قصر الحمراء، والذي أدار تجديد قاعدة الأسود في قصر البِلَّور بلندن، أن العرب إذ استُثني الميناء الذي يغطي أسفل الجُدُر، لم يستخدموا في قصر الحمراء سوى اللون الأزرق واللون الأحمر واللون الذهبي، أي اللون الأصفر، وأن هذه الألوان رُتبت ترتيباً معقولاً جداً؛ فأحُدث اللون الأحمر في أساس نقوشه، وصُبِغت حواجزه الجانبية باللون الأزرق على مدًى واسع لتعديل التأثير الذي ينجُم عن اللون الأحمر واللون الذهبي، وفُصِل بعض الألوان عن بعض بعصائب بيضٍ أو بظِلِّ نُتُوء الزخرف، ومن المرجح أن كانت العَمَد مصبوغةً باللون الذهبي لما بين العمد البيض وما يقوم عليها من الزخارف ذات الألوان الكثيرة من عدم الانسجام.
وأما ما نرى أثرَه في قصر الحمراء من اللون الأخضر والأسمر والأرجوانيِّ فقد بين ذلك المؤلف أنه من بقايا الترميمات الرديئة التي قام بها الإسبان في مختلف الأزمنة، وقد أضلَّت بقايا هذا الطَّلي الرخيص، على الأرجح، مرممي قصر الحمراء في الوقت الحاضر، فالأجزاء التي أصلحوها، ولا سيما الكِسْرات التي يبيعونها من الجمهور، لا تَمُتُّ بصلة إلى الطريقة المذكورة التي اتَّبعتُها بقدر ما تسمح به اللتوغرافية في تحديد أحد لَواوِين الحمراء الذي تجدُ لوحةً له في هذا الكتاب.
[(٣) المقابلة بين مباني العرب الفنية]
[(٣ - ١) مباني بلاد سورية]
لم نذكر من مباني سورية، حتى الآن، غير ما أنُشئ فيها بعد ظهور محمد، مع أن قبائل عربيةً توطنت بلاد سورية قبل ظهوره، وأقامت فيها دولاً قوية، وتدل البقايا القليلة التي اكتُشفت في بُصْرَى، والتي لم تُدرَس جيداً حتى الآن، على أن فن العمارة فيها كان راقياً في ذلك الزمن، ولذا فإن من المحتمل أن يكون المسلمون الذين استولَوا على سورية قد استفادوا من معارف أبناء قومهم أولئك، ولكن فُقدان الوثائق حَمَلنا على السكوت عن ذلك الدور المُنْسِي قانعين بذكر ما شاده العرب بعد الإسلام من المباني العريقة في القِدَم والمختلفة الطُّرُز، والتي ترجع أقسامها المهمة على الأقل إلى القرن الأول من الهجرة كجامع عمر والمسجد الأقصى (في القدس) والجامع الكبير في دمشق.