عدد المؤلفين من أطباء العرب كبيرٌ إلى الغاية، وخَصَّص ابن أبي أصُيبعة مجلداً من كتابه لتراجم أطباء العرب فنكتفي بذكر بعض من اشتهر منهم.
نهض الأغارقة بالطبِّ أكثر مما نهضوا بمعظم العلوم الأخرى، ووجد العرب في مؤلفاتهم مباحث مفيدةً. وكان هارون) ٦٨٥ م) أول من قام بترجمة كتب اليونان الطبية، وكانت مجموعته الطبية مقتطفاتٍ من كتب أطباء اليونان، ولا سيما جالينوس، ثم تُرجِمت كتب بقراط وبولس الإجِيني ... إلخ. بعد ذلك بزمن قليل.
والرازي، الذي ذكرنا أنه من علماء الكيمياء، هو من أشهر أطباء العرب. ووُلد الرازي سنة ٨٥٠ م، وتوفي سنة ٩٣٢ م بعد أن زاول الطبَّ في بغداد خمسين سنة، وألف الرازي في شتى الموضوعات كالفلسفة والتاريخ والكيمياء والطب ... إلخ، ووَضَع الرازي آثار من ظهر قبله من الأطباء على محكِّ النقد الشديد فوق فراش المرضى، وكان ما كتبه في بعض الحُمِّيَات ذات البُثُور كالحصبة والجدري مُعَوَّلَ الأطباء زمناً طويلاً، وكان واسع الاطلاع على علم التشريح، وكان كتابه في أمراض الأطفال أولَ كتابٍ بَحَثَ في هذا الموضوع، ويُرى في كتبه وسائلُ جديدةٌ للمداواة، كاستخدام الماء البارد في الحميَّات المستمرة الذي أخذ به علم الطب الحديث، وكاستخدام الكحول والفتائل، وكاستخدام المحاجم المعالجة داء السكتة ... إلخ.
وكان الرازي متواضعاً كما كان طبيباً حاذقاً دقيقاً، ومما رُوي أنه أعاد بطريقة جَلْد الجسم بشدة، ولا سيما الكعب، الحياةَ إلى شخص سقط فاقدَ الحسِّ في أحد شوارع قرطبة، واعتقد الناس أنه مات، فلما امتدح الخليفة طريقته في إعادة الحياة إلى الإنسان أجابه أنه رأى تطبيق هذه الطريقة على أعرابي في البادية ذات مرة، وأن فضله ينحصر في تشخيصه لحالة ذلك المريض التي أَعتقدُ، مستنداً إلى بعض التفصيلات، أنها ضربةُ شمس، وإن لم يروِ لنا التاريخ حقيقتها.
وأشهرُ كتب الرازي كتابُ «الحاوي» الذي جمع فيه صناعة الطب، وكتابُ «المنصوري» الذي بعث به إلى الأمير منصور والمؤلَّفُ من عشرة أقسام، وهي: