لم يعتنِ علم الآثار الحديث بمباني العرب إلا قليلاً، وأكثر هذه المباني في أماكن بعيدة، ولا يسهل درسها دائماً، وإذا عَدَوتْ ثَلاثة كُتب أو أربعة كتب مهمة خاصة بالبحث في قصر الحمراء ومساجد القاهرة والقدس وَجَدتَ الكتب غافلةً عنها تقريباً، قال باتِيسْيِه الذي هو مؤلفٌ لتاريخٍ من أحسن ما لدينا من تواريخ فن البناء، وذلك في الطبعة الأخيرة التي طبع بها كتابه «تاريخ فن البناء» في سنة ١٨٨٠ م: «إن مباحث تاريخ العمارة الإسلامية تحتاج إلى توسيعٍ كبير»، ثم أسف هذا المؤلف على نقص معالجته لهذا الموضوع والحق أن هذا المؤلف اقترف عدَّة غلطات، ومن ذلك أنك لا تجد بين صور كتابه المهم الكثيرة صورةً لبناء إسلامي في بلاد سورية وفارس والهند، ولم يكن المسجد المصري، الذي نَشَر صورته فيه مثالاً، إلا أسوأ نموذجٍ للمباني المصرية القائمة على الطراز العربي، وذلك ببابه ونوافذه القائمة الزوايا وقبته البصلية الشكل.
وقال سيديَّو في الطبعة الثانية، التي تمَّت سنة ١٨٧٧ م، لكتابه «تاريخ العرب العام»: «من دواعي الأسف أننا لم نبحث حتى الآن بحثاً عاماً في المباني التي أقامها العرب في بلاد سورية والعراق وفارس، حتى الهند، في مختلف أدوار سيادتهم، ففي هذه المباني، لا ريب صفاتٌ خاصة نرى من المفيد تعيينها.»
ومنذ زمنٍ طويل أبدى ج. دوبرَنْجهِ مثل هذا الرجاء في كتابه الممتع عن فن عمارة العرب في الأندلس على الخصوص، وقال: «نعد من حب الدرس أن يبحث في أهم المباني التي أقامها العرب في بلاد سوريا وفارس ومصر وإفريقيا (نسي المؤلف أن يذكر بلاد الهند)، وما الرسوم العامة للمسجد الأقصى الذي أقامه عمر (! ) في القدس، ومساجد