وصل العرب في إتقان مصنوعاتهم الخشبية وترصيعها بالصدف والعاج إلى درجة تقضي بالعجب حقًا، واليوم لا تُقلَّد، إلا بثمنٍ عالٍ، تلك الأبواب العجيبة التي تُرى في بعض المساجد القديمة، وتلك المنابر ذات التقاطيع والتراصيع، وتلك السقوف ذات النقوش المتشابكة، وتلك المشربيات المخرَّمة.
شكل ٧ - ١٧: صندوق عربي قديم مصنوع من الخشب المرصع في القاهرة (من صورة فوتوغرافية).
وبلغت تلك الصناعة درجة الكمال قبل القرن الثاني عشر من الميلاد، كما تدل عليه القطع الأثرية التي انتهت إلينا من ذلك العصر، فنذكر منها منبر المسجد الأقصى القدسي الرائع.
وكان العرب يُتقنون صناعة حفر العاج إتقاناً نادراً أيضاً، كما تشهد بذلك القطع الكثيرة النفيسة التي وصلت إلينا كالصندوق العاجي الصغير الذي صُنع لأحد ملوك أشبيلية في القرن الحادي عشر من الميلاد فيُعرف بصندوق سان إيزيدور الليوني، وكصندوق كاتدرائية بايو العاجي الذي صُنع في القرن الثاني عشر من الميلاد، فأتُي به من مصر أيام الحروب الصليبية كما نُرجح فيبدو مزخرفاً بالفضة المموهة بالذهب، وبضروب الزينة المرصعة والمخَرَّمة على أشكال الطيور ولا سيما الطواويس.