مليون مسلمٍ منتشرين في أجزاء مملكة ابن السماء، ومن وجود مائة ألف مسلمٍ وأحد عشر مسجدًا في مدينة بكين وحدها.
[(٣) صلات العرب بإفريقية]
كانت صِلات العرب بإفريقية على جانب عظيم من الأهمية أيضاً، وكان العرب يعرفون جيدًا أصقاع إفريقية الوسطى التي يَصِل إليها رُوَّادنا في الوقت الحاضر بِشِقِّ الأنفس، فيُعدُّ كل ارتياد لما حادثاً مهماً في أوربة.
ويدلُّ إسلام أمم تلك الأصقاع التي يزورها تجار العرب على مقدرة العرب في حمل الأمم على الترحيب بهم، ويجد السياح أثرًا لتأثير العرب في أكثر البقاع التي يدخلونها في الوقت الحاضر، وعندي أنه يَجْدُر بالسياح المعاصرين الذين يرغبون في درس شؤون إفريقية درساً مفصلاً من غير أن يُرهِقوا ميزانية دولتهم، وفي الاغتناء عند الاقتضاء، أن يحذوا حَذْوَ العرب في ارتيادهم، أي في تنظيمهم للقوافل التجارية؛ فالنجاح أضمن -على العموم- في حمل أية أمة على قبول فريق من الناس قبولاً حسناً عن طريق المقايضة التجارية من اجتياز هذا الفريق لأرَضيها بغير هدفٍ ظاهر، ومبادرتها العدوان برصاص البنادق عند سوء الظن.
وكان لعرب المغرب صلاتٌ تجارية بأقسام إفريقية الغربية على الخصوص، وكان لعرب مصر صلات بأصقاع إفريقية الشرقية والوسطى، وكان عربُ مصرَ يذهبون إلى بلاد السودان بعد أن يقطعوا الصحراء طلباً للذهب والعاج والأرِقَّاء، وبلغ العرب -في ارتيادهم إفريقية- بقاعًا مهمة، ومنها مدنٌ لم يُوفَّق الأوربيون المعاصرون لزيارتها، كمدينة تَنْبَكْتُو، وكان العربُ يصلون إلى السواحل وإلى المناطق الوسطى أيضًا.
قال مسيو سيديو: «يصلُ العرب من شواطئ إفريقية إلى مضيق باب المندب ثم إلى الزنجبار فإلى بلاد الكاب، ويُؤسِّسون برافا ومنباسة وكيلوة حيث يعتزل أخٌ لأمير شيراز، وموازنبيق وصوفالا وميلندة ومغادوكسو، ويستولون على الجُزُر القريبة من الشواطئ، وعلى مراكز كثيرةٍ في مدغشقر ... ولم يكن أقل من هذا تأثير القرآن في إفريقية الوسطى التي لا تزال غير معلومة لدينا، وكان ما أقامه العرب من الممتلكات في الساحل الشرقي يُسهِّلُ عليهم ولوج داخل إفريقية من هذه الناحية، وكان المسلمون يزورون بلادَ الصومال الوديعة الِمقْرَاة، فتُؤلِّف، مع سوقطرة، مستودعاً تجارياً مهماً جداً، وكانوا يزورون بلاد الحبشة وسنار وكردفان التي لها علاقاتٌ دائمة بمصر فتعدُّ