الأنوار، ثم يسار منه إلى بيت الأبوين؛ ليتناول الناس الطعام من مائدتهما، ثم يُبدأ بالألعاب التمثيلية في الغالب، ويختن الحلاق الصبي عند الانتهاء من الأكل وعلى صوت الصنوج خَنْقًا لصوته، ويُحيي المدعوون الكثيرون ليلتهم بشرب المرطبات والقهوة والنارجيلات.
[(٣ - ٢) الزواج]
تُعد حفلات الزواج من الأفراح كحفلات الختان، وأقتصر الآن على بيان الأعراس دراساً في فصل آخر حال المرأة في الشرق: حينما يرغب الفتى في الزواج يُفوِّض إلى امرأة كبيرة العمر أن تبحث له في الأسر عن الفتيات الصالحات للزواج، ويختار واحدة ممن وصف له جمالهن وكمالهن، ثم يفوِّض إلى شخص أمر خطبها، وتُسأل المخطوبة عن رأيها صورةً، ولا يكون لديها ما يسوغ رفضها تَزَوُّجَه ما دامت لا تراه إلا بعد عقد الزواج، ثم يفاوض الخطيب أباها في مقدار مهرها، وذلك لأن الرجل هنالك، لا المرأة كما في أوربة، هو الذي يدفع المهر، فإذا تمت المفاوضة جاء الخطيب ومعه أصدقاء له إلى بيت حماه حيث يكون منتظراً إياه هو وبعض الأصدقاء والشهود وأحد الكتبة، وعندئذ يُلفظ بصيغة العقد الشرعية، ويُدوِّن الكاتب ما وقع، وبهذا يكون عقد النكاح قد انتهى شرعاً، ومن هنا ترى أن ذلك الزواج عقد خاصلاً يتطلب تأييداً دينياً أو مراسم مدنية، ولا تُزفُّ العروس إلى زوجها إلا بعد أيام تقام فيها الحفلات، وتُرسَل العروس المبرقعة في موكبٍ مؤلَّف، من الأصحاب والموسيقيين إلى الحمَّام، ثم تعود إلى بيت أبيها حيث الموائد، وتُبعث مبرقعةً في اليوم التالي إلى بيت زوجها المعَدِّ المُنَار بعناية لاستقبالها، وذلك في وسط موكبٍ تتقدمه جماعة من الموسيقيين والمهرجين والمصارعين، فإذا ما انصرف الناس أمكنَ الزوج أن يرفع النِّقاب عن زوجه وأن يتأمَّلها لأول مرة.
ولا تقام تلك الحفلات إلا في الأحوال التي يكون فيها عقد نكاح، وعندما لا يصار إلى طريقة عقد النكاح يذهب المرء إلى أسواق النخاسة الكثيرة التي لا تزال موجودة في الشرق، ولا سيما في القاهرة، مع إنكار وجودها في الكتب، ويأخذ واحدةً من الإماء الشركسيات أو الكَرْجِيات الحِسان بمبلغٍ قد يصل أحياناً إلى ستة آلاف فرنك، وتكون هذه الأمَة من الأسرة، وتكون لأولادها ما لأولاد الزوجات من الحقوق، ويعامَل الإماء برفق ولا يُفكِّرن في التحرر، وإن كان التحرر من الأمور السهلة إلى الغاية، فما عليهن في