ضعيفة مع شجاعتهم العظيمة - كما قلنا - فكان يتخلل تلك الانتصارات نوازل إلى أن حذقوا صنع السلاح كأعدائهم.
وكان عمر بن الخطاب قائداً بارعاً وسياسياً ماهراً، وكان عنوان العدل والإنصاف، وقد روى مؤرخو العرب أنه علا المنبر بالمدينة حينما أفضت إليه الخلافة وقال:«يا أيها الناس، والله ما فيكم أحد أقوى عندي من الضعيف حتى آخذ الحق له، ولا أضعف عندي من القوي حتى آخذ الحق منه.»
والحق أن الدولة العربية العظمى بدأت في خلافة عمر بن الخطاب، وأما القيصر هرقل الذي أكره على مغادرة سورية والالتجاء إلى عاصمته القسطنطينية فقد أدرك أن العالم سيكون له سادة جدد.
[(٤) خلاصة تاريخ العرب]
نلخص فيما يأتي تاريخ وقائع العرب الحربية المهمة في القرون الثمانية التي دامت فيها حضارتهم:
القرن الأول من الهجرة: كانت فتوحات خلفاء محمد الأولى في بلاد العراق الخاضعة الدولة الفرس، وفي بلاد سورية الخاضعة لقيصر القسطنطينية هرقل، وكان بدء فتح هذين القطرين في زمن الخليفة الأول الذي لم يلبث أن توفي فواصله عمر الذي دخل القدس بنفسه فخسر الروم، في سبع سنين، بلاد سورية التي ظلوا حاكمين لها سبعمائة سنة.
ودوخ جنود عمر بلاد العراق وفارس من فورهم، أي كفي لثلهم عرش بني ساسان وهدمهم الدولة الفارسية العريقة في القدم حروب شهرين.
ونالت كتائب عمر، التي كان يقودها المجاهد الشاعر عمرو بن العاص، في الغرب انتصارات سريعة، واستولت على بلاد مصر والنوبة، وكانت الدولة العربية التي ولدت منذ عشرين سنة على جانب كبير من الاتساع حين وفاة عمر في سنة ٦٤٤ م.
وداوم الخليفة الثالث عثمان، الذي بلغ الثمانين من عمره، على الفتوح، وأتم قواده فتح بلاد فارس، ووصلت جيوشه إلى بلاد القفقاس، وأخذت ترتاد الهند.
وكان الخليفة الرابع علي، وهو صهر النبي (٦٥٥ م)، هدفاً للدسائس التي كادت الدولة العربية تنهار بسببها، وقتل علي بعد خلافة دامت خمس سنين، فختم بوفاته دور الخلفاء الأولين الذين كانوا من أصحاب محمد السابقين المعدودين آباء الإسلام.