وهنا أذكر على العموم، وذلك في معرِض البحث في صناعات العرب الخشبية والعاجية والمعدنية، ما يدل على مهارة الصناع الشرقيين العجيبة، وذلك أنهم يصنعون أدق المصنوعات بأغلظ الآلات وأقلِّها عددًا، أجل، لا يقاس ما يُصنع اليوم في القاهرة ودمشق من الحلي والقطع المرصعة بما كان يصنع منها في عصر الخلفاء، ولكنني لا أعتقد وجود صناع أوربيين قادرين في الوقت الحاضر على صنع مقعدٍ مرصع، أو نارجيلة مكفتة، أو سِوَار بمثل تلك الآلات الابتدائية التي رأيتُها في الشرق.
شكل ٧ - ١٨: صندوق صغير من العاج المنقوش في القرن الحادي عشر من الميلاد (متحف كنسنغتن، من صورة فوتوغرافية التقطها مسيو شارل رلفا).
[(٤ - ٦) الفسيفساء]
عَرَف الرومان استعمال الفسيفساء، واقتبسها البيزنطيون منهم مع إكمال صنعها بإدخال أساس ذهبي إلى الترصيعات الكثيرة الألوان.
ولم يتح لي أن أحقق إتيان العرب بتعديلات مهمة في صناعة الفسيفساء التي لم يلبثوا أن فضَّلوا عليها صناعة الميناء في زخارفهم السهلة الإنجاز.
وللفسيفساء نوعان عند العرب: فالنوع الأول: هو ما كانوا يكْسُون به وجه الأرض وأسفل الجُدُر من قطع المرمر أو الخزف المطلي الملون المختلف المقاييس، والنوع الثاني: هو ما كانوا يكسون به الجُدُر، ولا سيما جُدُر المحاريب، فنرى أن صُنعه بيزنطي تماماً.