للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الأول

محمد: نشوء الدولة العربية

(١) فُتُؤَّة محمد

وُلِد محمد في مكة في اليوم السابع والعشرين من شهر أغسطس سنة ٥٧٠ م، وكان أبوه عبد الله، الذي توفي قبل ميلاده بشهرين، ابن قطب من أقطاب الكعبة الشهيرة، وكانت أمه آمنة بنت زعيم إحدى القبائل.

ورأى العرب أن يَقرنوا ميلاد زعيمهم الأعظم بالآيات، فرووا أن العالم أهتر لولادته، وأن نار المجوس المقدسة خبت، وأن شياطين الشر جرت من أعلى الشهب، وأنه تصدع من أبراج إيوان كسرى «ملك الملوك» أربعة عشر برجاً إيذاناً بقرب انهيار دولة الفرس العظمى.

ورضع محمد أمه في البداءة، ثم دفعت به إلى قبيلة في البادية وفق عادة لا تزال تصادف حتى اليوم، فلما بلغ الثالثة من سنيه، ورأى أبواه من الرضاعة ما رأيا من الخوارق التي كانت تلازمه، على زعم كتب السيرة، خافا مغبة الأمر، ولم يريدا بقاءه عندهما.

ولم تلبث أمه أن ماتت وهو صبي تاركة أمر رعايته لجده عبد المطلب، فغالى جده هذا في الاهتمام به.

ولكن ملائكة الرحمة، التي أرادت مضي محمد قدما، صبت عليه، وهو صغير، أنواع المصائب التي يصاب بها الإنسان عادة درجة درجة، فقد مات جده بعد وفاة آمنة بسنتين، وكفله عمه التاجر الذي كان يسافر، ولم يجد محمد له غير نفسه حامياً بعد قليل.

<<  <   >  >>