وتقول القصة إن محمدًا سافر مع عمه إلى سورية مرة، وتعرف في بصرى براهب نسطوري في دير نصراني، وتلقى منه علم التوراة.
ولما بلغ محمد العشرين من عمره اشترك في حرب بين قريش وقبيلة أخرى، فأظهر فيها، كما قيل بصيغة التأكيد، براعة حربية تجلت فيه بعد زمن.
ونال محمد شهرة فائقة، وغرف برفقه وصدقه، فلقيته قريش بالأمين.
شكل ١ - ١: منظر المدينة (من صورة فوتوغرافية).
وإذا أضيف إلى شهرته حسن صحته علمنا السر في عطف خديجة، التي كانت أرملة غني، عليه وتفويضها أمور تجارتها إليه، وتهيأ له السفر إلى سورية بذلك، والاجتماع مرة ثانية بالراهب الذي أطلعه على علم التوراة سابقاً، وتزوج بعد رجوعه من سورية، وكان عمره خمسًا وعشرين سنة، خديجة الأيم المثرية البالغة من العمر أربعين سنة، وخديجة هي أولى زوجاته، ولم يتزوج امرأة أخرى في حياتها.
ولم يخبرنا التاريخ عن سيرة محمد في السنين الخمس عشرة التي انقضت بعد زواجه بخديجة، ويفترض، وإن لم يقم دليل على ذلك، أنه كان يفكر في أثنائها في مبادئ دينه الذي سيكون زعيمه، ولم يبد منه في تلك السنين أي نفور من عبادات العرب مع ذلك، كما أنه لم يقع فيها ما يدل على تفكيره في قلب تلك العبادات رأساً على عقب.