إلى الفرات فإلى الخليج الفارسي، وأما بلاد العرب السعيدة فتشتمل على القسم الجنوبي من جزيرة العرب، أي على نجد والحجاز واليمن وعُمان ... إلخ.
وجَهِل جغرافيُّو العرب ذلك التقسيم، فلم يروا بلاد الحجر (بطرا) من جزيرة العرب، فكان التقسيمُ الوحيد الذي اصطلحوا عليه ما يأتي:
بلاد الحجاز: وهي جبليةٌ رملية، تشمل على الجزء المتوسط من المنطقة الواقعة على ساحل البحر الأحمر، ومن بلاد الحجاز مكة والمدينة المقدستان.
وبلاد اليمن: وهي في جنوب بلاد الحجاز، تتألف من الزاوية الجنوبية الغربية من جزيرة العرب، وبلاد اليمن أغنى جزيرة العرب وأخصبها.
وبلاد حضر موت ومهرة وعمان والإحساء: وهي تلي اليمن كما يبدو من الخريطة، تمتد من خليج عدن إلى أقصى خليج فارس.
وبلاد نجد: وهي هضبة خصبة ذات مدن مهمة، تقع وسط جزيرة العرب، وتحيط بها الفلوت والمفاوز من كل جانب.
ولا مطابقة بين هذه التقسيمات، التي يرجع أكثرها إلى أقدم أدوار التاريخ، وتقسيم جزيرة العرب السياسي، فقد كان العرب قبل ظهور محمد منقسمين إلى ألوف من القبائل المستقلة، ثم قامت الدولة العربية فتألفت من تلك القبائل أمة واحدة، ثم عاد سكان جزيرة العرب، بعد زوال تلك الدولة، إلى حالهم السابقة، وأصبحت لا ترى في جزيرة العرب إلا إماراتٍ صغيرة وقبائل مستقلة تخضع كلُّ واحدة منها لرئيس واحد، ولا يُستثنى من ذلك سوى الممالك الثلاث: نجد واليمن وعُمان.
وإليك بياناً موجزاً عن مختلف الأماكن التي ذكرناها آنفاً:
[(٣ - ١) بلاد الحجر العربية (بطرا)]
ذكرنا آنفاً أن جغرافَّي العرب لم يَعُدُّوا بلاد الحجر من أقسام جزيرة العرب، ونحن لا نستطيع إلا أن نُعدها من تلك الأقسام من الناحية الجغرافية والناحية الاثنوجرافية.
وتتألف «بلاد الحجر» من جزيرة سيناء الممتدة من حدود فلسطين إلى البحر الأحمر، ويدلُّ اسم «بلاد الحجر» على حقيقتها، وذلك أنه يقع في وسط جزيرة سيناء طَوْدٌ من الصَّوَّان يُسمى طور سيناء، ويحيط بهذا الطَّود بقعة صخرية ذات نبات قليل ضعيف، وتصبح هذه البقعة رمليةً بالقرب من الساحل.