وتطفو الكتابات والنقوش العربية -في الغالب- فوق صور ذوات الحياة التي رسمها العرب، وقد يَحْدُث، أن تؤلَّف الحروف العربية من مزيج من صُوَرِ الحيوانات والآدميين على شكل عجيب، ومن ذلك ما في الحافة الخارجية، التي نشرنا صورة بعضها، للكوب «المصنوع في القرن الثالث عشر، والمحفوظ في مكتبة باريس الوطنية» من الإفريز الذي تألفت أسطورةٌ من تشابك صور أشخاصه في حروف عربية.
وأشهر الأواني العربية المشتملة على صور الآدميين هو الإناءُ الموجود الآن في متحف اللوفر، والمعروف بإناء سان لويس للعِمَاد، والذي استُخدم زمنًا طويلًا لتعميد الصبيان في فرنسا، بعد أن فُرِض أن سان لويس أتى به أيام الحروب الصليبية، والذي أثبت مسيو دولونغيريه أنه من مصنوعات القرن الثالث عشر من الميلاد، والذي ظهر أن أزهار الزنبق أضيفت إليه بين ذلك القرن، والقرن الرابع عشر من الميلاد، وهذا مع ملاحظتي أن زهر الزنبق، أو رمزًا آخر كثير الشبه به على الأقل، يوجد بكثرة بين زخارف المباني العربية في مصر.
ولكن المسلمين صاروا بعد زمنٍ مختلفٍ باختلاف البلدان لا يرسمون صور ذوات الحياة في مصنوعاتهم أبدًا، مُقَيَّدين في ذلك بأقوال الفقهاء الذين تغلَّبَت عليهم حَرفية القرآن.
ولم تبالِ الأمم التي اعتنقت الإسلام، كالفرس والمغول، بمحظورات القرآن التي لم تلائمهم، فترى في بلاد الفرس -على الخصوص- صُوراً كثيرة لذوات الحياة، وإن كانت صُور الآدميين منها متوسطة على العموم، وصُور الأزهار والحيوانات منها على شيء من الجمال مع قليل خيال.
[(٤ - ٢) صنع التماثيل]
صنع التماثيل كالتصوير من الأمور النادرة عند العرب، ولذا يجب أن نكتفي بما جاء في كتب التاريخ من الإشارات أو بالنماذج القليلة الناقصة جداً.
وقد أشرنا في فصل سابق إلى ذلك الخليفة المصري الذي كان قصره مملوءً بتماثيل نسائه، ومثلُ ذلك ما ذكرته تواريخ عرب الأندلس من التماثيل التي كانت في قصر عبد الرحمن الشهير، ولا سيما تمثالُ حَظِيَّته.
ولم يبقَ من تماثيل العرب غيرُ ما هو تافهٍ، كتماثيل الحيوانات الوهمية القائمة في قاعة الأسود من قصر الحمراء، وتمثال العُقاب البرونزي الكائن في كانبو سانتو في