ومن دواعي الأسف أن نسي أكبر أن كل واحد من مستمعيه كان يعتقد أنه على الحق الواضح وأن الآخرين على الضلال المبين، وأن التوفيق بين المؤتمرين من المستحيل، فلم يسفر ذلك المؤتمر عن غير تشاتم هؤلاء وتلاعنهم.
وأيقن أكبر بذلك أن الملوك، وإن قدروا مثله على بناء المدن والقصور في الصحراء، لأعجز من أن يبددوا الأوهام القوية التي تسيطر على قلوب الناس، فالتاريخ لم يعرف ديانة قامت على مناقشات باردة أملاها العقل.
[(٢ - ٦) تاج محل في أغرا]
شكل ٣ - ١٢: حاجز من الرخام الأبيض المنقوش المحيط بقبر شاهجهان وزوجه في تاج محل.
يرى في مدينة أغرا عدة أبنية مهمة قامت على الطراز الهندوسي الفارسي العربي، ولا سيما مزار تاج محل الشهير الذي يتطلب وصفه الكامل أكثر من مجلد. بدأ الملك شاهجهان ببناء تاج محل في سنة ١٦٣١ م ليكون ضريحاً لزوجه التي لم يقدر على سلوها، فعزم على إقامة أثر لها أجمل من كل ما عرفه بنو الإنسان، ودعا الملك شاهجهان مهندسي الشرق إلى التسابق في وضع رسمه، وحمل أقصى البلاد على جلب أغلى الحجارة وأعزها لرفعه، وأنفق، على ما يقال، ستين مليوناً في سبيل إنشاء ذلك الأثر العظيم، خلا عوض أعمال الفعلة الذين كانوا يسخرون، ورأي تافرنيه أن إقامة تاج محل اقتضت جهود عشرين ألفاً من العمال في اثنتين وعشرين سنة، فبناء مثل تاج محل لا يقام في أوربة بثلاثة أمثال هذا المبلغ.