بني تاج محل الذي نشرنا بعض صوره الصادقة في هذا الكتاب، مع عدم كفايتها لإظهار جماله، من المرمر الأبيض في وسط قاعدة فسيحة رخامية تعلو خمسة أمتار عن وجه الأرض، وتمتد مائة متر من كل جانب، ويقوم على زوايا تلك القاعدة الأربع أربع مناور، ويلمس ماء النهر أسفل إحدى جنباتها، وتحيط الحدائق ذات النبات الجميل بجنباتها الثلاث الأخرى إحاطة تأخذ بمجامع القلوب، ويحف حول تلك الحدائق سورٌ ذو شرفات، وتدخل من باب كبير أنشئ على الطراز الفارسي.
ولتاج محل أبعاد كبيرة، فترتفع قبته عن سطح الأرض أكثر من ثمانين متراً، ويدخل من أربعة أبواب يبلغ ارتفاع كل واحد منها عشرين متراً، ويرى في وسط تاج محل ضريح شاهجهان وضريح زوجته المحبوبة.
ويعد السياح تاج محل من عجائب الدنيا، وإليك ما قاله كاتب لم يصرح باسمه في مجلة المصور مع صورة مقتبسة من ميناء هندي صحيحة صحة الصور الفوتوغرافية تقريباً:
إن تاج محل مصنوع من المرمر الناصع المصقول، ويكاد البصر يخطف من نور هذا البناء العجيب حينما تلقي الشمس أشعتها عليه، ولذا تجد نور القمر الشاحب أليق بتاج محل الأنيق، وإن كل ما يمكن الفن أن يجود به من الكمال صبه في تاج محل الساحر، فترى فيه الجدران المرمرية المنقوشة بما لا يتصوره الإنسان من الأزهار والأوراق والورد والزخارف العربية الزاهية، وترى فيه الأعمدة الصغيرة الهيف والأطر الغانية والأورقة النيرة والنقوش المتدلية والفسيفساء المتقنة الثمينة الباهرة، ترى فيه كتابات جميلة من الرخام الأسود، وترى في ذلك المكان الساحر جميع ما يسمح به الفن على الوجه الفياض الأكمل.
وإذا نظرت إلى الضريحين المصنوعين من المرمر الناصع رأيتهما مثقلين بالكتابات والزينة الغنية مع عظيم إتقان وظرف، وعلمت أن أزهارهما المرصعة بالفسيفساء، والتي تطفح بها من الأسفل إلى الأعلى، من أجمل ما صنع الإنسان، فتتألف كل زهرة من مائة من الحجارة الصقيلة الملونة المتنوعة التي جمع ما بينها صانع ماهر فأكسبها الصورة التي أرادها، وتلك الحجارة الملونة هي من اللازورد والزبرجد والعقيق واليصب والرخام السماقي والمرمر الأصفر الذهبي ... إلخ، وزين أسفل الإطار المثمن والغرف القريبة منه بما