الثلاث، وترجع في قدمها إلى القرن الأول من الهجرة كما يعتقد، ومئذنة عيسى، وهي إحدى هذه المآذن، مربعة الشكل، وتقول القصة العربية: إن عيسى سينزل على ذروتها يوم الحساب لا ريب.
ظهر مما تقدم أن العرب احترموا منذ دور الفتح الأول، آثار الأمم التي ملكوها ولم يفكروا في غير الانتفاع بحضارتها وترقيتها، وذلك خلافاً لكثير من الأمم الفاتحة التي جاءت بعدهم، وأن العرب الذين كانوا أميين في بدء الأمر لم يلبثوا أن فاقوا أساتذتهم، وأنهم تعلموا بسرعة ما كانوا يجهلون من فنون الحرب، واستعمال آلات الحصار الرومية؛ فسبقوا أعداءهم في ذلك، وأنهم بعد أن كانوا مبتدئين في العلوم والفنون ماثلوا الأمم الأخرى فيها بفضل ما أنشأوا من المدارس ثم تقدموها، وأنهم، بعد أن كانوا غير عالمين بفنون العمارة، وبعد أن استخدموا مهندسين من الروم والفرس في تشييد مبانيهم، استطاعوا بالتدريج أن يتخلصوا كل الخلاص من كل مؤثر أجنبي بما أحدثوا من التغيير والتبديل في فنون العمارة وفق ذوقهم الفني كما نرى ذلك عما قليل.