شاهدوه: حياض السمك الرخامية، وأنواع الطيور المغردة الملونة البراقة التي لم يسبق لنا علم بها، ثم طاف الخصيان بهم في غرف تفوق ما تقدم حسناً ورواءً، ومما رأوا هنالك أنواع ذات القوائم الأربع العجيبة، التي لا يقدر على تصويرها سوى ريشة رسام تابع لهواه أو شاعر متحلل أو من يسبح روحه في أحلام الليل، والتي تنتجها بلاد الجنوب والشرق لا بلاد الغرب التي لا تراها، والتي قلما تسمع عنها شيئاً.
ويمكن تصور ما كان عليه الخلفاء الفاطميون من الثراء عند النظر إلى قائمة الأموال التي روي المؤرخ المقريزي أن الخليفة المستنصر (٤٢٧ هـ/١٠٣٧ م) اضطر إلى بيعها؛ إرضاء لأولئك المرتزقة الذين تكلمنا عنهم آنفاً، وقلنا: إنهم استبدوا بالملك تقريباً، ولا يطعن في صحة رواية المقريزي الذي استند إلى محضر وكيل الوزير ناصر الدولة، فالمرء حين يقرأها يرى أن ثروات العالم التقت وتكدست في مصر منذ قرون كثيرة؛ لكي تنثر على أحط الجنود في آخر الأمر كما قال مسيو مارسيل.
قال مسيو مارسيل نقلاً عن المقريزي:
ذكر في تلك القائمة العجيبة ما لا حصر له من أمداد الزمرد والياقوت واللآلئ والمرجان، وما إلى ذلك من الحجارة الكريمة، وذكر فيها ١٨٠٠٠ من آنية البلور، ثمن بعضها ألف دينار (١٥٠٠٠ فرنك)، و ٣٦٠٠٠ قطعة أخرى من البلور، وبساط من الذهب وزنه ٥٤ أوقية، وأربعمائة قفص كبير من الذهب، و ٢٢٠٠٠ جلية من العنبر، وعمامة مرصعة بالجواهر قيمتها ١٣٠٠٠ دينار (١٩٥٠٠٠٠ فرنك) وديوك وطواويس وغزلان ذات حجم طبيعي مصنوعة من الذهب ومرصعة باللآلئ والياقوت، وموائد مصنوعة من اليصب كبيرة يستطيع أن يجلس حولها آكلون كثيرون معاً، ونخلة من الذهب في صوان من الذهب، وثمار وأزهار ذات حجم طبيعي من اللؤلؤ والياقوت، وحديقة ذات تراب من الفضة المذهبة، وأرض من العنبر، وأشجار من الفضة وثمرات من الذهب والحجارة الكريمة، وخيمة مصنوعة من المخمل والديباج الموشى بالذهب، دائرتها خمسمائة ذراع (٦٢٥ قدم) وارتفاعها ٦٤ ذراعاً (٩٠ قدماً) وبسطها تعدل حمل مائة بعير، وخيمة أخري مصنوعة من الإبريز قائمة على أعمدة من الفضة، وأخبية وزنها ثلاثة قناطير، وألفان من الزرابي المزخرفة