للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شكل ١ - ١: واحة بسكرة (الجزائر، من صورة فوتوغرافية).

ومهما يكن الفرق ضعيفاً فإنه موجود بفعل البيئة على كل حال، فالفلاح البريتاني، وإن لم يفق أجداده في مزاجه النفسي، نراه، وهو محافظ على لهجته الإقليمية الخاصة، وهو قابع في قريته الغامض أمرها، يعيش في بيئة تختلف عن البيئة التي كان أجداده يعيشون فيها، أي يرى وميضاً من حضارة تتحول باستمرار.

وترى أوربة أن أمم الشرق لا تتحول، ونحن نرى أن أمم الشرق تتحول قليلاً في الوقت الحاضر لا ريب، وأن طبقاتها العليا، على الأقل، كانت تتحول كثيراً في غابر الأزمان، فالفرق عظيم بين أمير عربي من حاشية الملك أبي عبد الله الصغير وصاحب لعمر بن الخطاب، وهو أعظم من ذلك بين عالم في جامعة بغداد أو جامعة قرطبة وأحد رعاة بلاد العرب الأقدمين.

ولم يكن التحول ضعيفاً في غير طبقات المجتمع الدنيا كما يشاهد مثل ذلك في كل مكان كما ذكرنا، والفرق، إذن، قليل بين سكان الأرياف من العرب في زمن محمد وبين ذراريهم في زماننا، وهو أقل بين أهل البدو في ذينك الدورين.

ولذا نرى فروقاً في تحول أمم الشرق كالتي رأيناها في أمم الغرب، ونرى ألا يخلط، عند البحث، بين تطور طبقات الشعب الواحد الاجتماعية لما بينها من تفاوت.

<<  <   >  >>