وتنقطع الحركة في شوارع جميع المدن العربية مع غروب الشمس، وتُغلق الحوانيت في ذلك الوقت، ويدخل الناس بيوتهم، ولا يخرج الإنسان من بيته ليلاً إلا حاملاً فانوساً لعدم الإنارة المصنوعة.
ولا عهد للشرقيين بما في مدن أوربة من الحركة الليلية ومن الحوانيت والقهوات المضاءة بأبهى الأنوار، ومع ذلك يجد الشرقيون في حياتهم المنزلية من الروعة ما يستغنون به عن ملاهي الليل، فإذا قُيِّض لأناس منهم أن يزوروا أوربة بهرتهم حركة مدنها الليلية، وقالوا: إن مَلال الغربيين في بيوتهم يدفعهم إلى الخروج منها وملازمتهم الأندية أو القهوات، وقد قال لي تاجر بغدادي وقور زار عواصم أوربة كثيراً:«إن ذلك من النتائج السيئة للاقتصار على زوجة واحدة لا ريب.»
شكل ٢ - ١: شارع قديم في القاهرة (من صورة فوتوغرافية)
وليست شوارع الشرق موضوع عناية أحد، وترك أمر إزالة ما يُلقَى فيها من الأقذار للكلاب، والكلاب لا تترك منها شيئاً، ولا صاحب لهذه الكلاب التي تشتمل كل مدينة على الألوف منها فتعيش جماعات يكون في كل حي واحدة منها، ولا يخرُج كلب من حي من