للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حقوق الإرث عند العرب، أَجَلْ، أباح القرآن الطلاق كما أباحته قوانين أوربة التي قالت به، ولكنه اشترط أن يكون «للمطلقات متاعٌ بالمعروف.»

وأحسن طريقٍ لإدراك تأثير الإسلام في أحوال النساء في الشرق هو أن نبحث في حالهنَّ قبل القرآن وبعده.

يمكننا استجلاء الحال التي كانت عليها النساء قبل ظهور النبي من التحريم الآتي الذي جاء في القرآن: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أمُّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأخَ وَبَنَاتُ الْأخُتِ وَأمُّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأمُّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأخُتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إنَّ للهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا}.

وتحريم مثل هذا، وإن كان لا يدل على رقي عادات الأمة التي اقتضته، يهُونُ أمر دلالته عندما نعلم أن ما أشار إليه من العادات كان شائعًا بين جميع الأمم السَّامِيَّة، فالتحريم الذي جاء في التوراة (الأصحاح الثامن عشر من سِفرِ اللاويين ٦ - ١٨) مثل ما جاء في القرآن، ويشير إلى أمور أشد خطراً مما أشار إليه القرآن.

وكان الرجال قبل ظهور مُحَمَّد يَعُدُّون منزلة النساء متوسطةً بين الأنعام والإنسان من بعض الوجوه، أي أداةً للاستيلاد والخدمة، وكانوا يَعُدُّون ولادة البنات مصيبة، وشاعت عادة الوأد، وصار لا يُجادَل فيها كما لو كانت البنات جِرَاءً يُقذف بها في الماء، ويمكننا أن نتمثَّل عادة الوأد عند العرب من المحاورة الآتية التي وقعت بين رئيس بني تميم قيسٍ ومُحَمَّد، حينما رأى قيسٌ محمدًا يضع إحدى بناته على ركبتيه، والتي رواها كوسان دوبرسفال:

قيس: مَن هذه الشاة التي تَشَمُّها؟

مُحَمَّد: ابنتي.

قيس: ولله كان لي بناتٌ كثيرٌ، فَوَأَدْتهُنَّ من غير أن أشمَّ واحدةً منهن.

مُحَمَّد (صارخاً): ويلٌ لك، يظهر أن لله نزع الرحمة من قلبك، فلا تَعرِف أطيبَ النِّعَم التي مَنَّ لله بها على الإنسان.

وإذا أردنا أن نعلم درجة تأثير القرآن في أمر النساء وجب علينا أن ننظر إليهنَّ أيام ازدهار حضارة العرب، وقد ظهر مما قَصَّه المؤرخون، فنذكره فيما بعد، أنه كان لهن

<<  <   >  >>