مع عدِّه أمراً طبيعياً لدى الأوربيين، «فلا ترى هنالك، كما قال الدكتور إيزَنْبِرْت، مثلَ، ما يُكَدِّر صفو الحياة الزوجية في أوربة من الخيانة التي هي أعظم إفساداً للأخلاق من تعدد الزوجات على ما يحتمل.»
وتحاط المرأة في الشرق برقابة شديدة، ولا يزورها رجل، ولا تخرج من بيتها إلا مبرقعة، وإذا عَدَوْتَ الآستانة وجدت النساء الشرقيات مصحوبات على العموم، ولا يتعرض أحد لهن إلا نادراً، ولا نَعْجَب كثيراً، إذن، من قول الشرقيين إن نساءهم أفضل من الأوربيات.
ولا يزال رب الأسرة الشرقية محافظاً على سلطانه خلافاً لما هو واقع في الغرب، ولا تُكَلِّمُ النساء الشرقيات أزواجهن إلا بأدب، ويقتدي الأولاد بهن بطبيعة الحال، ويتمتع رب الأسرة الشرقية، في الحقيقة، بمثل ما كان يتمتع به ربُّ الأسرة في رومة الغابرة من السلطان والامتيازات، ولا يجد الشرقيون فينا ما يُثير حسدهم من هذه الناحية.
وينظر العرب شزراً إلى العزوبة، والعزوبةُ تزيد في الغرب شيوعاً كلَّ يوم كما دلت عليه الإحصاءات، ومتى بلغ العربيُّ العشرين من عمره تزوج على العموم، ومتى بلغت العربية ما بين السنة العاشرة والسنة الثانية عشرة من عمرها تزوجت على العموم، وقد اعترف إيبر بفائدة هذه العادة فقال:
«لا يسعنا إلا الشهادة بحسن تلك الروح البَيْتِيَّة، وصلاح تلك الحياة المنزلية.»
ويمتاز الزواج الشرقي من الزواج الأوربي، فيما عدا مبدأ تعدد الزوجات، بأن الزوج في الشرق هو الذي يدفع إلى أهل الزوجة مهراً متحوِّلاً بحسب ثروتيهما، وبأن الزوجة عند أكثر الغربيين، ولا سيما طبقاتُهم الموسرة، هي التي تدفع مبلغاً من المال يُعرف بالدُّوتَة لتنال زوجاً.
وحقوق الزوجة التي نص عليها القرآن ومفسروه أفضلُ كثيراً من حقوق الزوجة الأوربية، فالزوجة المسلمة تتمتع بأموالها الخاصة فضلاً عن مهرها، وعن أنه لا يُطلب منها أن تشترك في الإنفاق على أمور المنزل، وهي إذا أصبحت طالقاً أخذت نَفَقَةً، وهي إذا تأيَّمت أخذت نفقةَ سنةٍ واحدة، ونالت حصة من تركة زوجها.
وتعامَل المرأة المسلمة باحترام عظيم فضلاً عن تلك الامتيازات، وتنال بذلك حالاً أجمع الباحثون المنصفون، ومنهم من ناصب بعاطفته مبدأ تعدد الزوجات العِداء، على الاعتراف بحسنها، ومن هؤلاء مسيو دو أَمِسِيس الذي قال في مَعرِض الحديث عن المرأة في الشرق، وذلك أن أنحى باللائمة على تعدد الزوجات وَفْقَ وجهة نظره الأوربية: «إن