وبلغ تأثير الإسلام في أدق شؤون العرب مبلغاً تكون معه جميع مراسمهم أعمالاً دينية، ومن تلك المراسم: أنكحتُهم وختاناتهم التي وَصَفْنَاها في فصل سابق، والتي ليست، في الحقيقة، سوى أعمال دينية ومدنية معاً.
الحج: يُعد حجُّ المسلم لمكة مرةً في العُمُر من أهم ما أَمَر به محمد من الأمور الدينية والسياسية.
شكل ٥ - ٤: سقف جامع المؤيد في القاهرة (من تصوير كوست).
ويَتمُّ الحج بواسطة القوافل العظيمة التي يُعَدُّ أهمها ما يخرج من القاهرة والشام، وتَكون الرحلة طويلةً، ويَهْلِك فيها حُجاجٌ كثير، وتهون المشقة في سبيل زيارة الكعبة المُشَرَّفَةِ الشهيرة أيام محمد، والتي يرجع أصلُها إلى أقدم قرون التاريخ.
وإذا ما اقترب الحجاج من مكة حَلَقوا، وخلعوا ثيابهم، وقاموا بضروب الوضوء، ولَبِسوا الأزُر، ثم طافوا حول الكعبة سبع مراتٍ، واستلموا الحجرَ الأسود الشهير الذي تكلمنا عنه في فصل آخر، ثم توجهوا إلى جبلِ عرفاتٍ القريب من مكة وسمعوا فيه خُطبةَ الإمام، ثم أفاضوا إلى حيث يَرمون الشيطانَ بحَصَيات في الوادي الذي طَرَده منه إبراهيم، ثم نَحَروا الذبائح، ثم زار أكثرهم حميةً المدينةَ التي تضمُّ قبر الرسول.
وفي الغالب يبلغ عدد الذين يزورون مكة كلَّ سنة مئتي ألف حاج، وفي موسم الحج يتقابل المسلمون الذين يجيئون من أنحاء العالم الإسلامي الممتد من مراكش إلى الهند وحدود الصين ماراً بإفريقية الوسطى.