وتُعَدُّ رواية ألف ليلة وليلة الباهرة أكثر القصص العربية شهرةً لا ريب، واختُلِف كثيراً في مصدرها، ويظهر من الثابت اليوم أنها مجموعة قطع وُضِعَت في أزمنة مختلفة جداً، وأن بعضها وُضِعَ قبل القرن العاشر من الميلاد لذِكْرها في كتاب مروج الذهب الذي ألَّفه المسعوديُّ في ذلك الزمن، وتجد في هذه الرواية قِصَصاً من أصلٍ هندوسي وفارسي، ولكن أكثرها ألَّفَه عرب مصر فيما بين القرن الثالث عشر والقرن الخامس عشر من الميلاد.
وذكر أستاذ اللغات الشرقية في هَيْدِلْبِرْغ، مسيوفيل، وذلك في مقدمة الطبعة الألمانية لرواية ألف ليلة وليلة وَفْقَ النص الشرقي، أنه لا يجوز الشك في أن أكثر القصص فيها عربيٌّ، وأن ما فيها من أصلٍ عربي يختلف كثيراً عما فيها من أصلٍ هندوسيِّ بارزٍ في المجموعة المعروفة بذلك الاسم، أيضاً، في القرون الأولى من الإسلام.
وتُعد رواية ألف ليلة وليلة من أكثر كتب الأدب التي وضعها الإنسان إمتاعاً مع ما فيها من نقائصَ واضحةٍ جداً، وأضيف إلى ما فيها من مُتْعَةٍ ما في قراءتها من فائدة، فيها ينال القارئ معارف صحيحةً عن طبائع العرب ومشاعرهم ووجِه تفكيرهم في بعض الأدوار.
شكل ٢ - ٥: إفريز كوب عربي ذي كتابة بتشويه القسم الأسفل من رسم الأشخاص.
وكل تاريخ يكون مدخلاً لها يَشمَل النظر، وذلك لما يُلقيه من نور قويٍّ على أحوال الشرقيين النفسية الصميمة، ودوافعهم الخلقية، ورأيهم في المرأة ... إلخ، والحق أن أقاصيص الأمم وأساطيرها من الأدلة التي أهمل التاريخ أمرها زمناً طويلاً، والتي أخذ العلماء يدركون شأنها في الوقت الحاضر، ومن ذلك أن تَوَصَّلنا، بتحليل الأغاني الشعبية والأساطير، وذلك في درسنا أمر تلك الأمة الغريبة التي أتيح لنا أن نَرْقبُها في جبال تَتْرَة، إلى معارف ثمينةٍ تمكناً بها من رسم المزاج النفسي لأجداد شعبٍ لم يُكتب له تاريخٌ قط.