ورأى الدكتور إ. برناردُ الأكسفورديُّ أن العرب هم الذين طبقوا الرَّقاص على الساعة، غير أن ما أبداه من الأسباب لا يكفي، على ما يظهر، لإسناد هذا الاختراع المهم إلى العرب، والذي نرجحه هو أن الساعة الدقاقة التي أرسلها هارون الرشيد إلى شارلمان هي ساعةٌ مائيةٌ تدق في كل ساعة بسقوط كُراتها النحاسية على قُرص معدني.
ولكن الذي لا ريب فيه هو أن العرب عرفوا الساعات ذات الأثقال التي تختلف كثيراً عن الساعات المائية، ودليلنا على ذلك: ما وُصِفت به ساعة الجامع الأموي الشهيرة في كتب كثير من المؤلفين، ولا سيما بنيامين التُّطيليُّ الذي زار فلسطين في القرن الثاني عشر من الميلاد، وقد اقتطفنا الوصف الآتي من ترجمة مسيو سلفستر دوساسي لابن جُبير، قال ابن جُبَيْر:
وعن يمين الخارج من باب جيرون في جِوار البلاط الذي أمامه غرفةٌ لها هيئة طاقٍ كبير مستدير فيه طِيَانُ صُفْرٍ قد فُتِّحت أبواباً صغاراً على عدد ساعات النهار، ودُبِّرت تدبيراً هندسياً، فعند انقضاء ساعة من النهار تَسقط صنجتان من صُفْر من فَمَيْ بازَيْن مُصَوَّرين من صُفْر قائمين على طاستين من صُفْرٍ تحت كل واحد منهما، أحدهما: تحت أوَّل باب من تلك الأبواب، والثاني: تحت آخرها، والطاستان مثقوبتان، فعند وقوع البندقيتين فيهما تَعودان داخل الجدار إلى الغرفة، وتبصر البازَين يَمُدَّان عنقيهما بالبندقيتين إلى الطاستين ويقذفانهما بسرعة بتدبير عجيب تتخيله الأوهام سحراً، وعند وقوع البندقيتين في الطاستين يُسمع لهما دويٌّ، وينغلق الباب الذي هو لتلك الساعة للحين بلَوْحٍ من الصُّفر، لا يزال كذلك عند كل انقضاء ساعة من النهار، حتى تنغلق الأبواب كلها وتنقضي الساعات، ثم تعود إلى حالها الأول، ولها بالليل تدبير آخر، وذلك أن في القوس المنعطفة على الطيقان المذكورة اثنتي عشرة دائرةً من النحاس مُخرَّمةً تعترض في كل دائرة زجاجةٌ من داخل الجدار في الغرفة، يُدير ذلك كله منها خلف الطِّيقان المذكورة وخلفَ الزجاجة مصباحٌ يدور به الماءُ على ترتيب مقدار الساعة، فإذا انقضت عمَّ الزجاجة ضَوءُ المصباح، وفاض على الدائرة أمامها شعاع، فلاحت للأبصار دائرة محمرة، ثم انتقل ذلك إلى الأخرى حتى تنقضي ساعات الليل وتحمر الدوائر كلها، وقد وُكِّل