للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما أتاه العرب حين أقاموا القطن مقامه، ولم يَلبث العرب أن بلغوا في إتقان صناعة الورق من القطن شأوًا لم يُسبق، كما دل عليه البحث في مخطوطات العرب القديمة.

ومن الثابت أيضاً أن العرب اخترعوا من الأسمال صِناعة الورق الصعبة الكثيرة التراكيب، ويُستند في هذا الرأي إلى أن العرب استخدموا هذا النوع من الورق في زمن أقدم من الزمن الذي استخدمته فيه الأمم النصرانية بمدة طويلة، فأقدمُ ورق موجود في أوربة من هذا النوع هو ورق الكتاب الذي أرسله جوانفيل إلى الملك سان لويس قُبيل وفاته في سنة ١٢٧٠ م، أي بعد حملته الصليبية المصرية الأولى، مع أن لدينا ورقاً عربياً صُنِع من الأسمال قبل هذا التاريخ بنحو قرن، كالورق المحفوظ بين مخطوطات برشلونة، والمكتوبة عليه معاهدة السَّلْم بين ملك أرغونة الأذفونش الثاني وملك قشتالة الأذفونش الرابع في سنة ١١٨٧ م، والمصنوع في مصنع شاطبة العربيِّ الشهير الذي امتدحه العالم الجغرافيُّ الإدريسيُّ في النصف الأول من القرن الثاني عشر من الميلاد.

شكل ٥ - ٨: سرج عربي قديم (المتحف الملكي بمدريد، من صورة فوتوغرافية التقطها لوران).

ونشأ عن كثرة المكتبات العامة والخاصة في الأندلس أيام سلطان العرب، بما لم تَعرِفه أوربة في ذلك الزمن أن اضطُرَّ العرب إلى زيادة مصانع الورق، فانتهَوا إلى صنعه، بإتقان عظيم، من القِنَّب والكتان الوافرين في الحقول في ذلك الحين.

<<  <   >  >>