وقد تكلمنا في ذلك الفصل، بما فيه الكفاية، عن تأثير العرب الخلقي في أوربة، فنحيل القارئ عليه، وإنما نذكر القارئ بالنتيجة التي توصل إليها، أيضًا، العلامة المتدين مسيو بارتلمي سنت هيلر في كتابه عن القرآن حيث قال:
أسفرت تجارة العرب وتقليدهم عن تهذيب طبائع سنيوراتنا الغليظة في القرون الوسطى، وتعلم فرساننا أرق العواطف وأنبلَها وأرحمها من غير أن يفقدوا شيئًا من شجاعتهم، وأشك في أن تكون النصرانية وحدها قد أوحت إليهم بهذا مهما بولغ في كرمها.
وقد يسأل القارئ بعد ما تقدم: لم ينكر تأثير العرب علماء الوقت الحاضر الذين يضعون مبدأ حرية الفكر فوق كل اعتبار ديني كما يلوح؟ لا أرى غير جواب واحد عن هذا السؤال الذي أسأل نفسي به أيضًا وهو أن استقلالنا الفكري لم يكن في غير الظواهر بالحقيقة، وأننا لسنا من أحرار الفكر في بعض الموضوعات كما نريد.