فالمرء عندنا ذو شخصيتين: الشخصية العصرية التي كونتها الدراسات الخاصة والبيئة الخلقية والثقافية، والشخصية القديمة غير الشاعرة التي جمدت وتحجرت بفعل الأجداد وكانت خلاصةً لماضٍ طويل، والشخصية غير الشاعرة وحدها، ووحدها فقط، هي التي تتكلم عند أكثر الناس وتمسك فيهم المعتقدات نفسها مسماةً بأسماء مختلفة، وتملي عليهم آراءهم، فيلوح ما تُمليه عليهم من الآراء حراً في الظاهر فيحترم.
والحق أن أتباع محمد ظلوا أشد من عرفته أوربة من الأعداء إرهاباً عدة قرون، وأنهم، عندما كانوا لا يردعوننا بأسلحتهم، كما في زمن شارل مارتل والحروب الصليبية، أو يهددون أوربة بعد فتح القسطنطينية، كانوا يذلوننا بأفضلية حضارتهم الساحقة، وأننا لم نتحرر من نفوذهم إلا بالأمس.
وتراكمت مبتسراتنا الموروثة ضد الإسلام والمسلمين في قرون كثيرة، وصارت جزءاً من مزاجنا، وأضحت طبيعةً متأصلةً فينا تأصُّلَ حقد اليهود على النصارى الخفي أحياناً والعميق دائماً.
شكل ١٠ - ١٥: مصباح من زجاج مطلي بالميناء (من تصوير بريس الأفيني).
وإذا أضفنا إلى مبتسراتنا الموروثة ضد المسلمين مبتسرنا الموروث الذي زاد مع القرون بفعل ثقافتنا المدرسية البغيضة القائلة: إن اليونان واللاتين وحدهم منبع العلوم